يبدو أن التقرير الأخير لمجلس الأمن بخصوص الوضع في الصحراء عجل بتفعيل آليات تقريب وجهات النظر، إذ يُواصل المبعوث الأممي هورست كولر تنسيقه مع وكالة غوث اللاجئين من أجل إعادة برنامج تبادل الزيارات بين تندوف والعيون، وذلك قبيل جلسة مجلس الأمن المرتقبة في نهاية شهر أبريل المقبل. ويقوم وفد عن مكتب هورست كولر، تقوده الألمانية كالبوند الفي، والسويدية جوزيفين هيلين، رفقة مسؤولين عن وكالة غوث اللاجئين، طيلة هذا الأسبوع، بزيارات إلى كل من العيون وتندوف، حسب ما أسرته مصادر لجريدة هسبريس الإلكترونية؛ "وذلك من أجل تقريب وجهات النظر، والضغط في اتجاه تنزيل مقترح الأمين العام للأمم المتحدة، الذي دعا في تقريره سكان الأقاليم الصحراوية إلى تبادل الزيارة مع تندوف، وفتح قنوات الاتصال مع أقاربهم في المخيمات". وتعود آخر محطات تلاقي سكان المخيمات بعائلاتها في العيون إلى سنة 2011، إذ أشرفت المفوضية العليا لغوث اللاجئين على تبادل الزيارات بين أفراد الأسر الصحراوية وأقاربهم بمخيمات تندوف؛ فيما شهدت السنوات التي تلت السنة المذكورة جمودا على جميع الأصعدة، قبل أن يضغط المبعوث الأممي هورست كولر، بمعية مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، لإعادة إحياء المفاوضات. نحو الحل قال محمد أحمد كين، الأستاذ في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، إن "الإجراءات ذات البعد الإنساني تساعد على بناء الثقة بين أطراف النزاع، إذ تخلق أرضية للتواصل، والأممالمتحدة مطالبة على الدوام بتنظيم مثل هذه المبادرات؛ وذلك بغرض بعث الثقة التي بددتها سنوات من خطاب الكراهية الذي ينفر جميع الأطراف". وأضاف كين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هذه المبادرة لا يجب أن تتم خارج إطار مجهودات الأممالمتحدة، وستمكن من تجاوز لحظات الكراهية التي خلقت من الطرفين عدوا مفترضا لكل واحد منهما"، مشيرا إلى أن خطابات الكراهية تباعد سكان الأقاليم الجنوبية عن سكان تندوف، وزاد: "وجب التفكير في مرحلة ما بعد الحل كذلك، فلا يمكن جمع أشخاص يتبادلون النفور على تراب واحد في حالة التوصل إلى اتفاق". وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن "شرعية البوليساريو أصبحت مهزوزة بعد تورط قيادتها في ملفات الاتجار بالمخدرات، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، في وقت يتجه المغرب نحو ترسيخ مشاركة سكان الصحراء في الملف، وهو ما أصبحت تعترف به أجهزة الاتحاد الأوروبي، عقب مصادقتها على الاتفاق الفلاحي، خلال الأيام القليلة الماضية". خطر إقليمي قال عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، "إنه من الواضح جدا أن المبعوث الأممي في ملف الصحراء لازال يبحث عن اختراق يقوم به للدفع بالمسلسل، لذلك فهو يلجأ إلى آلية تبادل الزيارات في هذه الفترة الفاصلة بين مائدة جنيف الأولى والمحادثات المتوقعة في المستقبل". وأضاف اسليمي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "إذا ما كانت هناك محادثات ستحاول قيادة البوليساريو والمخابرات الجزائرية عرقلة هذه الآلية لأنه لم تعد لهما ثقة في ساكنة المخيمات، التي يبحث الكثيرون منها عن لحظة الفرار نحو المغرب"، مشيرا إلى أن أبو الوليد الصحراوي، زعيم "دواعش الصحراء"، سبق واستفاد من العملية في سنوات خلت. ويعتقد الأستاذ الجامعي ذاته أن "سعي المبعوث الأممي إلى العودة إلى آلية الزيارات المتبادلة يجب أن يقابله المغرب بشروط، منها ألا تتم إلا بعد إحصاء ساكنة المخيمات الذي تشدد عليه قرارات مجلس الأمن"، وزاد: "أكثر من ذلك فالعملية باتت فيها مخاطر على المغرب، لأنه لا أحد يعرف من هم سكان المخيمات اليوم. ولا يمكن لهذه العملية أن تتم دون إحصاء، فالمعلومات تقول إن البوليساريو جمعت ماليين وتشاديين قد تطعمهم الجزائر بمهاجرين غير شرعيين وتدخلهم ضمن تبادل الزيارات". واسترسل اسليمي بأن "الأوضاع في المخيمات تغيرت، ولن يسمح قادة البوليساريو والمخابرات الجزائرية لصحراويين بأن يكونوا ضمن الفئة المعنية بتبادل الزيارات، بل قد يبحثون عن أي شخص ويدفعون به"، مردفا: "الشكل والمضمون الذي نفذت به آلية تبادل الزيارات في الماضي لم يعد ملائما اليوم"، ومطالبا بأن تفرض المملكة شرطا آخر في حالة قبولها بآلية تبادل الزيارات، وهو أن "تشرف عليها مع الجزائر بمساعدة الأممالمتحدة".