قال عبد الصمد الديالمي، عالم الاجتماع المغربي، إن هنالك علاقة وطيدة بين ثلاثية المكان والجنس والإسلاموية، معتبرا أن "طبيعة العلاقة تكمن في وجود حرمان جنسي ناتج عن اكتظاظ سكني في المنزل أو غياب مكان ملائم لإقامة علاقة جنسية، الأمر الذي يخلق بؤسا جنسيا، بحيث يسهم في ظهور شخصية متشنّجة ومتشددة ترفض الحداثة بكل أشكالها، لا سيما الحداثة الجنسية". وفي حوار أجرته معه جريدة هسبريس الإلكترونية على هامش الندوة الفكرية التي عقدها في إحدى مكتبات مدينة الدارالبيضاء بغية تقديم كتابه الجديد الذي صدر باللغة الفرنسية تحت عنوان "Ville, sexualité et islamisme"، سيُنشر لاحقا، أضاف الدكتور الديالمي أن "الشخصية المتشددة هي الشخصية الإسلاموية وليس الإسلامية، على اعتبار أن المسلم الطبيعي والعادي، إن صحّ التعبير، ليس متشنجا، كما لا يرفض الحداثة بكل أبعادها وأشكالها". وأوضح صاحب نظرية "الانتقال الجنسي" بالمغرب، التي بلورها من خلال مجموعة من مؤلفاته الأكاديمية، أن "الإسلاموي المتشدد الراديكالي يرفض الحداثة، لأن الدرس السوسيولوجي يبين أن هنالك ترابطا بين الإسلاموي الراديكالي والبؤس الجنسي والبؤس السكني، وهي الفرضية الكبيرة التي اشتغلت عليها في الكتاب، على أساس أن المشكل لا يوجد بين الجنس والإسلام والسكن، وإنما يكمن في ظاهرة الإسلاموية الناتجة عن عوامل كثيرة، منها العامل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. ومن ثمة، فإن العامل الجنسي له دور في بروز الشخصية الإسلاموية المتشددة". وبخصوص التصرفات العنيفة التي يُقابل بها المجتمع المثليين الجنسيين، آخرها ما تعرّض له من بات معروفا ب "مثلي مراكش"، شدد الأكاديمي المغربي المتخصص في المسألة الجنسية بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط على أن "المثلية الجنسية التي كانت تُسمى باللواط في ما قبل كانت مقبولة في المجتمع؛ ذلك أن المثلي يندمج ولا يُعنّف من قبل أحد، لكن التحول الذي برز يكمن في ظهور الإسلاموية، التي حملت معها التصرفات العنيفة تجاه المثليين الجنسيين". وأبرز الخبير في الصحة الجنسية والإنجابية أن "المثلي الجنسي صار يُضرب ويُشتم بفعل التيار الإسلاموي، الذي يجسد القراءة غير المتسامحة مع النصوص الدينية، في وقت لا يقول فيه القرآن، وهو المرجع الأساسي للمسلمين، بعقاب اللوطي"، مشيرا إلى أن "الإنسان المثلي ليس مثليا باختيار، كما أنه ليس مريضا أو شاذا، وذلك بقول المنظمة العالمية للصحة التي اعترفت له بحقوق مساوية للإنسان الغيري، وبالتالي يجب ملاءمة القانون الجنائي مع التشريعات الدولية، علما أن المغرب يعد عضوا ضمن المنظمة العالمية للصحة ومنظمة الأممالمتحدة". وفي رده على سؤال لهسبريس حول دور العامل الجنسي في فهم الظاهرة الإرهابية الجهادية، لفت الدكتور الديالمي الانتباه إلى كونه تحدّث عن "الحريڭ نحو الجنّة سنة 2003، في إشارة إلى الشبان الذين حرڭوا إلى الجنة بشكل عمودي، لأن هنالك حوريات في انتظارهم، فهو عامل من بين العوامل الكبرى. يعيشون هنا البؤس الجنسي، لذلك فإنهم سيلبّون رغباتهم، وهو ما نجده أيضا في الحريڭ نحو الدولة الإسلامية في العراق والشام، إن صح التعبير، لأنها تقدم عرضا للمجاهدين بالحصول على الجواري، فضلا عن المسلمات اللائي يهاجرن من أجل ممارسة جهاد النكاح خِدمة للمجاهدين. ومن ثمة، فالجنس عبارة عن سبب ونتيجة". وحول طبيعة علاقة التوتر التي تجمع المغاربة بالجنس، ما جعلها تُصنف ضمن "الطابوهات" الاجتماعية، أكد السوسيولوجي والأكاديمي ذاته أنها مؤشرات على "التخلف والكبت والقمع، لأن الجنس ليس مطبَّعا، بل عبارة عن رغبة طبيعية تندرج ضمن الحقوق الأساسية للإنسان، فلماذا نربطه إذن بالخطيئة والوسخ والدنس والزواج؟". وزاد المتحدث أنها "مفاهيم تجعل الإنسان المغربي يجد مشكلة مع الجنس، ما مرده إلى التنشئة الاجتماعية والتربية التي تلقاها الفرد في المجتمع بطريقة بطريالكية وأبيسية، تجعله ينظر إلى الجنس على أنه شيء قذر يجب أن يكون طاهرا في إطار مؤسسة الزواج الشرعية، في حين إن العلاقة الجنسية ليست وسخة؛ فهي مُبلورة للشخص وتشكل أساس توازن الشخصية، لذلك يجب تمكين الشباب من تلبية حاجياتهم الجنسية لكي يكونوا مِعْطائِينَ لأسرهم وذواتهم ومجتمعهم، ما يستدعي فك الارتباط بين الجنس والفاحشة".