أمامَ تزايُدِ التّهديدات التي تستهدفُ الحياة الخاصة بفعل التطور التكنولوجي الذي باتَ يخترقُ "حميمية" الأشخاص بالمغرب، وفي ظلّ عدم فعالية التّرسانة القانونية في الحدّ من اقتحام الحياة الخاصة للآخرين، يقرُّ عمر السغروشني، رئيس للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، بأنَّ "حماية معطيات الأفراد باتت تستدعي آليات جديدة، وذلكَ بالتَّعاون مع المؤسسات الوطنية والدولية". يأتي حديثُ رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، الذي عيّنهُ مؤخرا الملك محمد السادس، على بعد أيامٍ قليلة من تنظيم ندوة دولية بمدينة فاس بمناسبة اليوم العالمي لحماية المعطيات. وأفاد السغروشني بأنَّ تنظيم هذا الملتقى يأتي بشراكة مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، وجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، وجامعة الأخوين بإفران، والجامعة الأورو-متوسطية بفاس، وبرنامج ضمان استدامة الحكامة الديمقراطية وحقوق الإنسان بدول جنوب المتوسط، الممول من قبل الاتحاد الأوربي، الذي يشرفُ على تنفيذه مجلس أوروبا. وقال السغروشني خلال ندوة نظمّتها اللجنة، الأربعاء، لعرض برنامج اليوم الوطني الذي سينظم يوم الاثنين 28 يناير الجاري، المخصص لموضوع "حماية الحياة الشخصية الرقمية: تحديات وتوقعات"، إنَّ "اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية موجودة منذ سنة 2009، وقد أُحْدثَ قانون مؤطر لحماية المعطيات قبل أكثر من ثماني سنوات، وكانت هذه المرحلة مهمة اشتغلت عليها اللجنة بمعية مؤسسات وطنية ودولية من أجل حماية المعطيات الخاصة بالأفراد". وأضاف أن "المرحلة الحالية تستدعي ترسيخ الحماية اللازمة لمعطيات المواطنين الشخصية، ويجب أن تترسخ هذه الثقافة داخل المجتمع وليس فقط تطبيق القانون الذي يبقى ملزماً، ولكن لا بد من فهم وإقناع المواطنين بضرورة حماية المعطيات الخاصة بالأشخاص كثقافة، فكما أن هناك قوانين تمنع مثلاً وقوع مشادّات بين الأفراد خلال وقوع حادثة سير، فإنه يجب على المواطنين أيضا أن يتشبعوا بهذه الثقافة وأن تكرس داخل المجتمع". وأبرز رئيس السغروشني، في تصريح لهسبريس، أن اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تعكفُ على التنزيل الفعال لقانون 09-08 من أجل توفير أفضل حماية للمواطنين، وتضطلعُ بهذه المهمة إلى جانب باقي الفاعلين، بل إنها تعمل بكل بانسجام من أجل تبني مقاربة مواطنة لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي والحياة الخاصة الرقمية". وسيتناول اليوم الدراسي موضوع "حماية الحياة الخاصة الرقمية: تحديات وآفاق"، ويأتي اختيار مدينة فاس لاحتضان فعاليات هذا اليوم، بحسبِ السغروشني، لأسباب عدة؛ أولها "إعطاء لمحة عن العزم الشديد والسعي الحثيث لتعزيز حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في مختلف جهات المملكة؛ إذ تشكل مدينة فاس المرحلة الأولى فقط في هذه السيرورة". وزادَ أن "اختيار فاس فيه إشارة إلى أن تعزيز حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي يستلزمُ تطوير المهارات وإعطاء الإشارة في مدينة القرويين، أقدم جامعة في العالم مازالت مستمرة في نشاطها، أن حماية الحياة الخاصة ليست قيمة مضافة صرفة، ولكنها نابعة من ثقافتنا وتقاليدنا الموروثة"، مورداً أنه سيتم توقيع اتفاقيات لتكوين "مفوضي حماية المعطيات" بين اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وأربع جامعات شريكة. وتراهنُ اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي على العمل مع كل من الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومكونات النسيج الاقتصادي، يتقدمها قطاع "ترحيل الخدمات" والمديرية العامة للجماعات المحلية والجماعات الترابية ومختلف الفاعلين والمؤسسات في المملكة. وأحدثت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بمقتضى القانون 09-08 الصادر في 18 فبراير 2009، المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي. وتضطلعُ اللجنة بمهمة التحقق من أن عمليات معالجة المعطيات الشخصية تتم بشكل قانوني، وأنها لا تمس بالحياة الخاصة أو بحقوق الإنسان الأساسية أو بالحريات. وتتشكل اللجنة من شخصيات تتمتع بالحياد والنزاهة، وتمتلك كفاءة في الميادين القانونية والقضائية وفي مجال المعلوميات.