لم يعد بمقدور عمال شركة سامير، المصفاة الوحيدة التي احتضنت الصناعة التحويلية البترولية منذ استقلال المغرب، استيعاب الأسباب التي تقف وراء قرار الحكومة ووزارة الطاقة عدم تقديم حلول قانونية وتسهيلات لمعاودة نشاط المصفاة، التي أجهز عليها المستثمر الإثيوبي محمد حسين العمودي، الذي يقبع وراء القضبان بالسجون السعودية بتهم تتعلق بالفساد المالي. وفضلت وزارة الطاقة، التي يشرف عليها الوزير عزيز الرباح، الترويج للحلول السهلة في الأيام الأخيرة، بعد إدلاء المسؤولين بتصريحات مثيرة للجدل تؤكد أن بناء مصفاة جديدة في المنطقة الصناعية للجرف الأصفر، سيكون أقل كلفة من عملية معاودة تشغيل مصفاة سامير. تصريحات المسؤولين بالوزارة أعادت إلى الأذهان المعطيات التي تم الكشف عنها أسابيع بعد إغلاق سلاسل الإنتاج بالمصفاة، والتي تحدثت عن استحالة معاودة المصفاة للاشتغال مرة أخرى، ووجود توجه لنقل نشاط تكرير النفط إلى الجرف الأصفر، وتحويل المدخل الشاطئي الجنوبي لمدينة الزهور إلى منتجع سياحي وترفيهي بحري، وهو ما نفاه في حينه، في تصريح لهسبريس، محمد الوفا، الوزير المنتدب السابق المكلف بالشؤون العامة والحكامة. ويجمع العاملون والتقنيون والأطر العليا بسامير على أن وزراء العدالة والتنمية، سواء الذين تعاقبوا على قطاع المحروقات أو رئاسة الحكومة، لم يهتموا كثيرا بملف المصفاة الوحيدة بالمغرب، وهو ما تسبب في إتلاف مجموعة من الآليات داخل المصفاة بفعل التأثيرات الطبيعية المرتبطة بارتفاع معدلات الرطوبة وتوقف الإنتاج. "حتى الحكومات السابقة تتحمل كامل المسؤولية في المآل المؤسف الذي وصلت إليه مصفاة سامير، خاصة بعد ظهور بوادر عدم التزام الملياردير إثيوبي الأصل سعودي الجنسية، محمد حسين العمودي، بتعهداته القاضية باستثمار 300 مليون دولار لتطوير المصفاة"، يقول مصدر نقابي، موضحا أن العمودي بدأ مسيرة "تصفية" ممتلكات الشركة في صفقة تضمنت فندقا بالمحمدية باعه بمبلغ 50 مليون دولار، وعقارا بالمدينة ذاتها تزيد مساحته عن 20 ألف متر مربع، وفندقا في مدينة إفران. وأمام أنظار الجهات المالية الوصية، يضيف المصدر، قام العمودي في أكتوبر من سنة 1999 بتفويت حصصه في شركة "سند" للتأمينات وفي شركة "CPA" للوساطة في التأمينات، بقيمة 70 مليون دولار، لفائدة مجموعة بنصالح. مسيرة التفويتات تواصلت مع مجموعة "أمهال" التي حصلت في شهر مارس 2005 على حصة سامير في شركة "سوميبي"، البالغة 40 في المائة، بقيمة 315 مليون درهم (نحو 38 مليون دولار أمريكي). وتابع مصدر هسبريس قائلا: "من خلال هذا الجرد، يتبين أن العمودي تحصل على ما لا يقل عن 160 مليون دولار من عمليات بيع لجزء من ممتلكات الشركة، كما أن سامير تتوفر على عقار وسط مدينة المحمدية تمتد مساحته على 20 ألف متر مربع، وتزيد قيمته السوقية عن 30 مليون دولار على الأقل، دون الحديث عن قيمة الشركة نفسها التي تقارب 3.5 مليارات دولار".