رحبت بنا بصوت خافت بالكاد وصل إلى مسامعنا، وشكرت هسبريس على الاهتمام بقضيتها. كانت نحيلة، تعلو وجهها الشاحب هالات سوداء، وتجلس على كرسي خشبي وسط قاعة الانتظار بمقر مركز أولاد الطيب لإدماج النساء في وضعية صعبة، الكائن بضواحي فاس، حيث تتابع حصصا للدعم النفسي والصحي. عندما بدأت بشرى القاسمي (36 سنة) تسير نحو غرفة الاستماع بالمركز المذكور، كانت تجر رجليها جرا. كانت تتحرك ببطء وتتألم، مسنودة بأختها، التي أفهمت طاقم هسبريس أن المرض الذي تعاني منه شقيقتها تسبب لها في جفاف جلدها، وفي تيبس أطرافها جميعها، مشيرة إلى أن تورما في أحد أصابع رجليها فاقم محنتها مع مرضها الغريب، الذي عجز الأطباء عن تشخيصه، رغم أزيد من 22 سنة قضتها في البحث عن العلاج. مرض حير الأطباء "أنا من دوار صوصو بمنطقة الريصاني ضواحي مولاي علي الشريف، أصبت بهذا المرض عندما كان عمري 14 سنة، ومنذ 22 عاما وأنا أبحث عن العلاج بدون جدوى"، هكذا لخصت بشرى القاسمي حياتها الشاقة مع مرضها، الذي أكدت أنها استعملت الكثير من الأدوية من أجل العلاج منه، مشيرة إلى أن بعض هذه الوصفات زادت من معاناتها عوض أن تشفيها. وتوضح بشرى أهم أعراض مرضها قائلة: "أعاني من تيبس في الجلد، وانحباس الدم في أصابع أطرافي التي تغير لونها، وفقدت الإحساس بها"، مبرزة أن هالات داكنة تغزو جلدها، خاصة على مستوى وجهها، الذي فارقته الابتسامة منذ قض هذا المرض المجهول مضجعها وهي لا تزال طفلة. مرض قالت بشرى إن أسرتها بحثت له عن علاج منذ كانت طفلة، مضيفة: "أكد لي الأطباء الذين عرضت عليهم حالتي أن جميع التحاليل التي أجريت لي كانت نتيجتها طبيعية، وفي كل مرة كانوا يصفون لي أدوية معينة، لكن حالتي لم تتحسن، بل زاد وضعي تدهورا بعد أن أصبحت أحس بآلام في معدتي من كثرة تناول الأدوية". آخر تجربة لبشرى في بحثها عن العلاج كانت شهر دجنبر المنصرم، حين خضعت لعدة فحوصات بمستشفى محمد الخامس بمكناس، الذي قضت فيه 22 يوما قبل أن يطلب منها الطاقم الطبي المشرف على حالتها متابعة العلاج بمنزل أسرتها، واصفا لها لائحة تضم أزيد من 10 أنواع من الأدوية. الهشاشة تعمق الجراح وقالت بشرى، في لقائها بهسبريس، إنها تتكبد الأمرين في التنقل إلى المستشفى بمدينة مكناس. وأضافت، بحسرة، أن مرضها حول حياتها إلى ألم متواصل، ومعاناة لا طاقة لها بها، وأن حالتها تتفاقم أكثر خلال فترة البرد. "أحس بالنقص جراء هذا المرض، خصوصا أن أسرتي غير قادرة على تحمل مصاريف التطبيب والتنقل والتحاليل الطبية إلى ما لا نهاية"، تقول بشرى، مبرزة أنها أحيانا كثيرة تتفادى شراء بعض الأدوية، وزيارة أطباء معروفين من شأنهم تحديد نوع مرضها. وتضيف أن والدها مجرد عامل بسيط، لذلك تفضل البقاء في المنزل والاكتفاء بالرقية الشرعية عوض البحث عن العلاج. "ما أتمناه هو الشفاء من عند الله تعالى"، تختم بشرى لقاءها مع هسبريس، مناشدة المحسنين والأطباء الوقوف بجانبها ومساعدتها في التوصل إلى علاج لمرضها المجهول، الذي قالت إن أسرتها، التي تعيش وضعا هشا، ليس لها القدرة على التكفل بها، نظرا لما يتطلبه ذلك من مصاريف باهظة. من جانبها، أوضحت منى المنور، رئيسة مركز أولاد الطيب لإدماج النساء في وضعية صعبة، أن المؤسسة الاجتماعية التي تشرف عليها تعاملت مع المريضة بشرى القاسمي كحالة استثنائية، نظرا لما تعانيه من وضع صحي ونفسي معقد جراء إصابتها بمرض نادر، يفاقمه وضعها الاجتماعي الهش. وأكدت المنور، في حديثها مع هسبريس، أن بشرى استفادت من حصص للدعم النفسي والصحي داخل مركز أولاد الطيب خلال زيارتها الأخيرة لشقيقتها المقيمة بضواحي فاس، مشيرة إلى أن تنقلها من منطقة الريصاني يزيد من محنتها. وأضافت "لا يمكن لهذه المريضة العمل لتتحمل مصاريف علاج نفسها، وهي بحاجة إلى الدعم من طرف كل المعنيين، خصوصا الأطباء والمختبرات الطبية والمحسنين". للتواصل مع هذه الحالة الإنسانية: 0617492937