حفز هروب فتاة سعودية تبلغ من العمر 18 عاما مما قالت إنها إساءة المعاملة من جانب أسرتها المعارضة لنظام ولاية الرجل في المملكة، وهو النظام الذي لازال يشكل قيدا كبيرا على النساء رغم جهود المملكة للانفتاح. وأتيحت بعض الحريات في ظل إدارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إذ رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وخفف القيود على الاختلاط بين الجنسين، كما أيد سوابق مثل السماح للمرأة بالخدمة في القوات المسلحة. غير أن تلك التغييرات رافقتها حملة على المعارضة، شملت الاعتقال، والتعذيب المزعوم، لبعض النشطاء الذين سعوا لعقود من الزمن إلى دعم حقوق المرأة، علاوة على دعاة يعارضون تلك التغييرات. ويدعو كثير من النشطاء إلى إنهاء نظام ولاية الرجل، الذي تقلص تدريجيا ببطء على مر السنين، غير أنه لازال قائما. وكانت الفتاة السعودية رهف محمد القنون هربت من أسرتها يوم السبت أثناء قضاء عطلة في الكويت، وتعيد محنتها إلى الأذهان قضايا نساء أخريات فررن من سوء المعاملة قبل أن تتم إعادتهن قسرا إلى المملكة دون أن تعرف عنهن أي أخبار بعد ذلك. ووسط الغضب العالمي من السعودية بسبب قتل الصحافي جمال خاشقجي العام الماضي، أشعلت تغريدات رهف من منطقة الترانزيت في مطار بانكوك حملة على الإنترنت. كانت الفتاة قد تحصنت داخل غرفة في فندق لساعات إلى أن عدلت حكومة تايلاند عن قرار إعادتها إلى بلدها. وفي بعض البلدان، يمكن أن يمنع كونها بالغة السلطات من إبلاغ أسرتها شيئا عنها. وفي السعودية، تخضع رهف لولاية أبيها. وانتشر هذا الأسبوع على تويتر هاشتاج (وسم) "أسقطوا_الولاية_ولا_كلنا_بنهاجر#". وقالت مي، التي عرفت نفسها على أنها طبيبة تبلغ من العمر 36 عاما، إنها تشعر بالحرج بعد أن أنجبت طفلين وحصلت على شهادة من جامعة هارفارد، لكن لازال يجري التعامل معها باعتبارها قاصرا، وقالت على تويتر: "أنا مؤتمنة على اتخاذ قرارات يتوقف عليها موت أو حياة المرضى، مؤتمنة على تربية الأطفال... لكنني غير مؤتمنة على اتخاذ قراراتي الخاصة المتعلقة بحياتي. يا للمفارقة! أسقطوا-الولاية". وتعرضت رهف لانتقادات أيضا على وسائل التواصل الاجتماعي، اتهمتها بجلب العار لأسرتها والبعد عن الإسلام؛ فيما يسلط الضوء على التوازن الدقيق الذي يتعين على ولي العهد أن يحققه في عملية إصلاح المجتمع السعودي دون حدوث اضطراب. *مشكلة الأسرة ومكانة نظام الولاية بين القانون والعرف تجعله قضية شائكة أمام الأمير محمد، الذي لمح العام الماضي إلى أنه يفضل إنهاء هذا النظام، دون أن يؤيد إلغاءه، وقال لمجلة أتلانتيك الأمريكية: "إذا أجبت بنعم على هذا السؤال فهذا يعني أنني أسبب مشكلات للأسر التي لا ترغب في منح بناتها الحرية". ولطالما تذرعت الشرطة والقضاء في السعودية بالعرف في حظر أمور معينة على النساء. وتنبع أوجه كثيرة من نظام ولاية الرجل من ممارسات غير رسمية وليس القوانين. ووضع التقرير العالمي حول الفجوة بين الجنسين لعام 2017 السعودية في المرتبة 138 بين 144 دولة. والتقرير هو دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي حول أداء المرأة في مجالات الاقتصاد والسياسة والصحة والتعليم. وأطلق نشطاء أيضا حملة "أنا ولية أمر نفسي" في 2016 للمطالبة بالتمثيل القانوني. وأصدر العاهل السعودي الملك سلمان في العام التالي أمرا يسمح للمرأة بالاستفادة من خدمات مثل التعليم والرعاية الصحية دون الحاجة إلى موافقة ولي رجل، رغم أن منظمات حقوقية تقول إنه ينفذ على نطاق محدود فقط. وهناك تحديات أخرى لازالت قائمة. وتقول منظمات حقوقية إنه رغم عدم وجود حظر على المرأة في شراء أو استئجار عقار، فهذا قد يكون صعبا دون وجود قريب رجل. ورفعت السلطات القيود على المرأة في قانون العمل وأنهت الاشتراطات الرسمية التي تلزمها بالحصول على إذن ولي الأمر للعمل، غير أن بعض أصحاب الأعمال لازالوا يطلبون هذا الإذن ولا يعاقبون على ذلك. كما ألغت المملكة اشتراطات بأن تجلب المرأة قريبا رجلا لتأكيد هويتها في المحكمة، وبات بإمكان المرأة استخراج رخصة وقيادة السيارة دون الحاجة إلى موافقة ولي. وكان محمد العيسى، وزير العدل السابق وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة، قد قال لرويترز العام الماضي إنه لا يوجد سبب لمنع المرأة من الحصول على جواز سفر أو السفر دون موافقة ولي رجل، لكن قبول المجتمع لهذا قد يستغرق وقتا. غير أن بعض السعوديات لا يردن الانتظار. وكتبت امرأة عرفت نفسها باسم فاتن على الإنترنت: "من حقنا أن نُعامل كبالغات لأننا أكبر من 18 عاما"، وأضافت: "هذه الولاية ليست سوى نظام عبودية حديثة!". *رويترز