بابُ العودة الرّسمية إلى دمشق قد باتَ موارباً أمامَ الدّول العربية؛ لكنَّ الرباط لم تفصح بعدُ عن توجّهها المستقبلي في ما يخُصُّ الوضعَ المتقلّب في السّاحة السورية، ما دفعَ نشطاء مغاربة يعتنقون المذهب الشيعي إلى استباقِ الموقف الرّسمي بإعلانهم مؤازرة العودة العربية إلى سوريا ودفعِ السلطات المغربية إلى الاعترافِ بنظام بشار الأسد، خُصوصاً مع الانسحابِ الأمريكي. ولا أخبار رسمية، إلى حدود كتابة هذه الأسطر، حولَ توجهات الرباط في قادمِ الأيام. ومعروف أنَّ دولاً عربية بادرت إلى إعادة التواصل مع دمشق مع تغيّر موازين القوى الأمنية والعسكرية في سوريا، وإعلان الجيش الأمريكي انسحابه كليا من الأراضي السورية. ويقرأُ محللون في كون التريث الذي طبعَ خطوات دول عربية في اتجاه الاعتراف الكامل بالأسد مردّهُ إلى "ضبابية المشهد". ويؤكد عبد الرحمان الشكراني، وهو ناشط شيعي مغربي، أنَّ "دولاً عربية كثيرة ستجدُ نفسها مُضطرة لإعادة التواصل مع نظام بشار الأسد؛ بعدَ خروج قوات "ترامب" من المنطقة ونفضِ يديهِ من الرمال العربية المتحركة من تحت قدميهِ"، مردفاً أنه "كانَ هناكَ توجه لإخضاعِ الشام لتوجهاتٍ خارجية، وهذا قد مُني بفشلٍ ذريعٍ الآن". ويضيفُ رئيس جمعية "رساليون تقدميون" المحظورة بالمغرب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "العودة العربية إلى الشام مسألة وقت فقط، سيتصارعون ويسارعون إلى الاصطفاف عندَ أبواب دمشق ولن يتأخرُّوا طويلاً"، مبرزاً "حتى المغرب مطلوب منه تصحيح أخطاء السياسة الخارجية التي وقعَ فيها بعدَ الربيع العربي، لأنَّ مشروع المقاومة أثبت نجاحهُ في المنطقة ضدَّ المشروع الصهيوني، وأثبت مشروع الانبطاح فشله نهائياً". وينطلقُ الشكراني من مبادرة دولة الإمارات في إعادة فتح سفارتها في دمشق ليطالبَ الرباط إلى الاقتراح والانفتاح على هذه الخطوة، مشيراً إلى أن "البحرين، التي كانت من أشد أعداء النظام السوري، تعيدُ فتحَ سفارتها من جديد.. وسنجد المغرب والدول الأكثر تصلباً في هذه القضية تعودُ إلى سوريا". ويقرُ الشيعي المغربي بأن "بعدَ انهيار المشروع الأمريكي لا بدَّ أن تكون هناكَ توابع في المنطقة بمبررات كثيرة؛ وهو أن الدول العربية كلّها ستعودُ إلى دمشق من أجل محاصرة المدّ الإيراني في المنطقة.. وهذا مجانب للحقيقة؛ لأن سوريا الآن هي المنتصرة وهي التي تفرض شروطها، ولا يمكن لدول منهزمة أن تفرضَ شروطها". وأكملَ: "بشار استطاع أن يضمنَ استقلالية بلاده من تيار "الانبطاح" وهو الذي سيفرضُ شروطه في المستقبل"، مؤكداً أن "الجسم السوري صفّى نفسه من الشوائب التي كانت عالقة فيه منذ مئات السنين"، مورداً أن "السياسة الخارجية المغربية فشلت في مواقع كثيرة؛ وأثبتت انحيازها إلى محور معين، حيثُ كان يمكن أن تلعب الرباط دورا قوياً في معركة الشام؛ لكنها ضيعت الفرصة، واتبعت الخاسر". من جانبه، قال الناشط الشيعي محمد محمدي إن "المغرب حتما سوف يعيد علاقاته مع سوريا. ولكن التوقيت ربما ليس في القريب المنظور. ربما بعد عقد اجتماع لمجلس الجامعة العربية"، مضيفاً "عندئذ قد يتخذ قرارا عربيا بالإجماع لإرجاع سوريا إلى حاضنة الدول العربية". وأضافَ الناشط الشيعي: "انتصار سوريا على الإرهاب هو في صالح دول عربية عدة كانت ستستهدف هي الأخرى. لقد سقط مشروع الفوضى الخلاقة/ الهدامة الذي راهنت عليه أمريكا وبعض الأنظمة العربية"، مبرزاً أن "ورقة التنظيمات الإسلاموية، التي راهن الغرب عليها لتفتيت الدول وزرع الفتنة، قد احترقت بالانتصار السوري". وعن صيغة هذه العودة إلى دمشق، يرى الناشط الشيعي أن "ربما تكونُ على هامش لقاء الجامعة العربية، قد يلتقي وزير الخارجية المغربي بنظيره السوري وقد تتم الدعوة لزيارة سوريا؛ وبذلك تفتح صفحة العلاقات". وحولَ ضمانات هذه العودة، يشيرُ المتحدث إلى أن "الرباط لن تكون لديها مطالب محددة (..) ربما قد يكون هناك تنسيق أمني حول قوائم الإرهابيين المغاربة"، مستبعداً أن تكون هناك "مقامرة بل الكل سوف يخطب ود دمشق". ويسترسلُ الناشط: "ستكونُ هناك نقاط مشتركة، خاصة ملف اللاجئين الذي ستكون له أولوية ومعالجته يتطلب تنسيقا عالي الدقة خاصة ما يروج أنَّ هناك عناصر للجيش الحر والمتورطين في الحرب قد هربوا نحو دول شمال إفريقيا؛ فربما هناك مؤامرة، كما كشفت عن ذلك مصادر جزائرية، حول تصدير الإرهابيين نحو شمال إفريقيا وبالضبط إلى الجزائر ودول الساحل".