الطريقُ إلى وسطِ الرّباط عبرَ السَّاحل مُكتظةٌ بالسّيارات الخفيفة والدرجات النارية التي تتسابقُ في مشهدٍ استعراضي لن تراهُ إلا في احتفالات البوناني فتيانٌ في العشرينَ ينتظرونَ عندَ بوابة "الحانات" الرَّخيصة فرصة الانسلالِ إلى دِفء "الأُنْسِ" بعدما تجمّدت أطرافهم من شدّةِ البردِ، وأساتذة ببذلاتهم البيضاء يدفئون شوارعَ العاصمة بشُموعٍ "بالية" طلباً للتّرقية؛ فيما تراقبُ مجموعة أمنية الوضعَ بكثيرٍ منَ الحذر. أجواءُ "رأس العام" هذه السَّنة عاديةٌ في الرّباط ولمْ يتم تسجيل إلاَّ بعض حالات معزولة تحدثُ غالباً من فرطِ نشوة الكحول"، يقولُ مسؤولٌ أمني رفيع آثر عدمَ ذكر اسمهِ لجريدة هسبريس الإلكترونية. وبينما كانت جلُّ المحلات التجارية في أكدال تفتحُ أمَامَ الزُّوار الذينَ قدموا من كلِّ حدب وصوبٍ لاقتناء الهدايا و"حلوى البوناني"، نُصبَ عندَ كلّ مدخل طرقي حاجزٌ أمني يضمُّ شرطيين وفردا من القوات المساعدة، يراقبون الوضعَ غيرَ بعيدٍ عن المقاهي الفاخرة. وعاينتْ جريدة هسبريس انتشارَ عشرات من عناصر الأمن بالزّي الرسمي وسطَ شارع فال ولد العمير، القلب النابض لحي أكدال، من أجلِ تأمينِ مرور احتفالات رأس السنة الجديدة في أحسنِ الظروف، خاصة في ظلّ توافد عدد كبير من الزَّوار على المنطقة الراقية، ما دفعَ السلطات الأمنية إلى انتدابِ مزيد من العناصر المُؤهلة. وخلالَ تدخّل فوري للسلطات الأمنية على مستوى شارع الدكالي، وسط الرباط، تمكّنت المصالح المختصة من إلقاء القبض على شخص من ذوي السوابق العدلية، كان تحت تأثير الكحول ويحدثُ "عربدة" بينَ المارة. ويقول مصدر أمني مأذون: "هذا التدخل جاء بعدَ ورود شكاية من أحد المواطنين. وقد حللنا بالمكان وأخذنا المعلومات الخاصة بالموقوف، وقمنا بحجز بعض الممنوعات التي كانت بحوزته أثناء عملية التوقيف". وعلى مستوى حي المحيط، تمّ تأمين مداخل الطرق المؤدية إلى وسط العاصمة بسدّ قضائي للرصد والمراقبة، مع تطويق جنبات الشارع الرئيس من طرفِ "رجال الحموشي" الذينَ استعانوا في هذه العملية بدرجات نارية كبيرة ومتوسطة الحجم؛ وهوَ ما أسهم في ضبط الحركة والتعرف على كلّ وافدٍ جديد على العاصمة الرباط. وبالقُرب من باب شالة، المعروف بحركية المتوافدين عليه التي لا تكادُ تنتهي إلا مع بزوغ أولى خيوط الفجر، خاصة على مستوى مركز المدينة؛ انتشرت وحدات أمنية مدعومة بأفراد من القوات المساعدة، وظلت تراقبُ الوضع بحساسية مفرطة مخافةً من وقوع حوادث قد تُعكّرُ جو "البوناني". أما على مستوى شارع محمد الخامس فانتشرَت منذ ساعات الصباح الأولى ليوم الإثنين وحدات أمنية معززة بأعضاء من القوات المساعدة، بالقرب من محطة الرباطالمدينة؛ فيما عبَّرَ متحدثون لهسبريس عن إحساسهم بالأمن مع وجود هذه التعزيزات الأمنية التي استطاعتْ بانضباطها وتوزيعها المحكم طردَ كلّ من حاولَ تعكير احتفالات المغاربة برأس السنة الجديدة. ومكّنت التدخلات الأمنية من توقيف شخص عشريني من ذوي السوابق العدلية حاولَ سرقة فتاة بالعنف وسطَ الرباط. وقال مصدر أمني إن "عناصر فرق الصقور تقوم بجولات استطلاعية في الأحياء والأزقة الضيقة، مكنت من توقيف أصحاب الدراجات النارية الذين لا يتوفرون على الوثائق اللازمة، خاصة أن العديد منها تكون مسروقة وتستعمل في اقتناء الخمور". ومن التدابير الأمنية التي تمَّ اتخاذها خلال احتفالات رأس السنة، حسب ما كشفه بوبكر سبيك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، تعزيز الحراسة الثابتة، إذ يتم تنصيب مجموعة من السدود القضائية والإدارية في مداخل ومخارج الطرق الكبرى للتدقيق وافتحاص السيارات المشكوك فيها والمصرح بسرقتها والأشخاص المصرح بكونهم يشكلون موضوع أوامر بإلقاء القبض عليهم، أو مبحوث عنهم في إطار مذكرات وطنية أو محلية أو دولية. ويُضيف المتحدث أن جميع القيادات الأمنية تتلقى تعليمات بنشر جميع الوحدات الأمنية المكلفة بحفظ الأمن والمحافظة على النظام ومكافحة الجريمة وتدبير الأزمات في مثل هذه المناسبات؛ وذلك من أجل حماية المواطنين بالمدارات والتجمعات البشرية والفنادق والمؤسسات السياحية.