تجمع مئات السائحين الأجانب والعرب ومعهم أبناء مدينة الأقصر في جنوب مصر، داخل أكبر ساحات المدينة، لمتابعة عروض فردية وجماعية للعبة التحطيب المدرجة حديثا على القائمة العالمية للتراث الثقافي غير المادي. شارك في العروض التي أقيمت بساحة أبو الحجاج 140 رجلا من محافظاتقنا وسوهاج وأسيوط والمنيا والأقصر، يرتدون الجلباب المصري الشهير، بمختلف ألوانه وأشكاله، في ليلة لا تتكرر سوى مرة واحدة كل عام في ختام المهرجان القومي للتحطيب. وتنظم المهرجان وزارة الثقافة، بالتعاون مع محافظة الأقصر، بهدف الحفاظ على لعبة التحطيب التي لا يمارسها سوى المصريون وأدرجتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" على قائمتها للتراث الثقافي غير المادي في 2016. وعلى وقع أغان شعبية شديدة المحلية، من عزف وغناء أبناء الجنوب، بدأ الرجال في استعراض مهارة النزال غير العنيف بالعصا ضمن عرض كبير بعنوان "أفراح الصعيد". وقال أحمد الشافعي، رئيس الإدارة المركزية للشؤون الفنية بالهيئة العامة لقصور الثقافة رئيس المهرجان، في الافتتاح: "عرفنا التحطيب من الرسوم الموجودة على جداريات المعابد وبشكل خاص معبد الكرنك، وكان المصري القديم يستخدم التحطيب في التدريب على القتال، لكن لأن المصري بطبعه محب للحياة ومحب للفن، فقد حول الرياضة إلى لعبة للزهو بالنفس والتعبير عن الشجاعة، هي اللعبة التي استلهمنا منها لاحقا رقصة العصا التي تعد أشهر رقصات الفنون الشعبية حاليا في مصر". وأضاف: "اهتم أهل الصعيد في مصر بالتحطيب وأصبح طقسا أساسيا في مناسباتهم وأفراحهم؛ لذلك وجدنا أنه من الضرورة إقامة مهرجان قومي يلتقي فيه ممارسو هذه اللعبة الرياضية ومحبوها لمشاركتها مع الأجانب الزائرين الذين قد لا يعرفون الكثير عن فنون وثقافة مصر". وتابع قائلا: "على مدى السنوات تطور المهرجان؛ ففي الدورة الأولى كانت هناك مسابقة وجوائز، لذلك أخذ النزال طابعا عنيفا إلى حد ما، وهو ما دعانا إلى إلغاء المسابقة والاكتفاء بالعروض الفنية دون أي تلاحم بين اللاعبين، كما أخرجنا المهرجان من قصر الثقافة الذي كان يقام فيه إلى الساحة العامة حتى تتاح للجميع مشاهدته". وأقيم سامر التحطيب على مدى خمسة أيام، هي عمر المهرجان بساحة أبو الحجاج، بدءا من العصر وحتى المساء، وهي الساحة الكبيرة التي تكتسب اسمها من مسجد أبو الحجاج الأقصري الشهير بمدينة الأقصر. وقال الشافعي: "الجديد في هذه الدورة أننا مزجنا بين لاعبي التحطيب ولاعبي العصا في فرق الفنون الشعبية حتى يتقن الفنانون أصول اللعبة من مشايخها وممارسيها الأصليين". *رويترز