أوضاعنا الحالية رغم كل ما تحقق أو أنجز في شتى الميادين، لا ترقى إلى طموحات الشعب المغربي في تحقيق العيش الكريم لجميع أبنائه وإمدادهم بالحد المطلوب من الخدمات التي ينتظرونها من الدولة. حقا إن المتطلبات متعددة ومتنوعة لا نهاية لها ولا حد، التعليم والتكوين والصحة، والتجهيز والشغل والتثقيف والأمن والسكن وهلم جرا. ومن جهة أخرى، فإن الشدة لا تدوم ولا بد للفرج أن يأتي بعد الضيق وكل صعب على همم المؤمنين الوطنيين المخلصين يهون. يكفي إسناد الأمور إلى الأطر المقتدرة النزيهة والمستقيمة والنقية التي تزخر بها البلاد، والجد والكد والعمل المتواصل والمعقول. كل الخطب الأخيرة لأمير المؤمنين جلالة الملك تشير إلى إعادة الاعتبار للمتشبعين بالروح الوطنية وتكليفهم بالشأن العام. من الوطنية ممارسة المسؤولية بنزاهة وقناعة وتفضيل المصلحة العامة ومقاومة استغلال النفوذ والاغتناء اللامشروع الذي تفشى مع الأسف الشديد في السنوات الأخيرة نظرا لغياب المحاسبة وتغييب العقاب حتى إن المواطن أصبح يشعر بالإحباط وخيبة الأمل أمام الفضائح والتجاوزات، وهيمنة العقليات المسيطرة والشبكات الاحتكارية، وقد خلفت الفضائح والتصرفات المشينة التي تنشرها الصحف الوطنية وهناك صحافة مختصة في هذه الوقائع وتطلع عليها الأسر بجميع أصنافها وشرائحها، وتمر بدون محاسبة ولا متابعة، هذه النوازل يصعب التستر عليها بالخطابات التقليدية وبعرض نوايا الإصلاح ومحاربة الفساد دون القيام بذلك، نظرا لمزيد الوعي عند الطبقات الشعبية التي تعاني البطالة وتدهور المعيشة والضيق وتشاهد الاستحواذ على المال العام بمختلف الطرق والأساليب من طرف الفاسدين والمفسدين. نحن لا نقصد التهويل ولا التيئيس ولا التسويد، بل ندعو بكل صدق الحاكمين إلى اتخاذ التدابير الملموسة لمواجهة الانحرافات والتجاوزات واقتراح البدائل والبرامج والمخططات الاقتصادية والاجتماعية للنهوض بالمستوى المعيشي للطبقات المحرومة، ويمكنهم فعل ذلك إذا اشتد عزمهم. التضامن والمساواة والنمو الاجتماعي والحماية الاجتماعية، أمور تتطلب التنظير الخلاق المبدع والمنتج، الحكم يتطلب التوقع وعدم الانصراف فقط إلى التسيير اليومي، جميل تنظيم ندوات يحضرها المئات من المتخصصين لكن يجب أن يتبعها الفعل والتطبيق. إن الدفاع عن الفئات المستضعفة والمأجورين والفلاحين والعمال والشباب والمهمشين والأرامل والأيتام والطفولة المشردة والمعاقين من أوجب واجبات الكل، إن دفاعنا نحن في حزب الإصلاح والتنمية عن الطبقات المحرومة ومحاربتنا للفوارق الاجتماعية لا يتنافى مع تشجيعنا للمبادرة الحرة ودفاعنا عن المقاولين. نداؤنا إلى من أفاء الله عليهم من خيراته أن يفكروا في المحتاجين حتى يجد التضامن مدلوله الحقيقي. ونقول للحكومة الموقرة إذا كان من المستحيل رفع الحد الأدنى من الأجور لا شيء يمنعك من تخفيض الأجور العليا الباهظة وحذف سائر الامتيازات التي تعطى للمحظوظين وهم ليسوا في حاجة إليها، وعلى السادة الوزراء المحترمين أن يعطوا المثال بالتنازل عن الامتيازات التي يخولها لهم ظهير 1975، "وتعاونوا على البر والتقوى، وإن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتيكم خيرا".