على هامش الزيارة الميدانية التي قام بها محمد أوجار، وزير العدل، لمدينتي العيون وطرفاية، يوم الثلاثاء، للاطلاع على وضعية المحاكم وطريقة اشتغالها؛ لرصد احتياجات مرفق العدالة، ولتأكيد الأهمية التي تحظى بها الأقاليم الجنوبية ضمن إستراتيجية وزارة العدل. ومن أجل استبيان أهم محطات الزيارة والمشاريع المزمع إنجازها، أجرت جريدة هسبريس الإلكترونية لقاء خاصا مع محمد أوجار، وزير العدل، لمعرفة أهم المنجزات المؤسساتية التي ستشهدها المنطقة والتحولات الحاصلة في منظومة القضاء بالمملكة. ما هي أهم المشاريع التي أشرفتم على انطلاقتها من خلال زيارتكم لجهة العيون الساقية الحمراء؟ سنقوم بإعطاء الانطلاقة لبناء محاكم ابتدائية جديدة بكل من العيون والداخلة والسمارة، ومركز للحفظ الجهوي بالعيون، ومراقبة تنفيذها على أرض الواقع، وتدشين مركز القاضي المقيم بطرفاية. وقد تم في هذا الصدد رصد ميزانية تقدر ب195 مليون درهم، وقمنا بزيارة ميدانية لمجموعة من المؤسسات والأقسام خصوصا قسم قضاء الأسرة، وقدمنا التوجيهات لتجويد الخدمات المقدمة باحترافية عالية، والحث على استخدام التقنيات الحديثة. من أجل رفع النجاعة القضائية، تم اعتماد مشروع المحاكم الرقمية، هل هو استعمال فقط من أجل مواكبة التطور التكنولوجي؟ أم أنه سيسهم فعلا من تخفيف معاناة المتقاضين أمام تراكم الملفات بالمحاكم؟ نسعى إلى هدف إحداث المحكمة الرقمية سنة 2021، تماشيا مع المتغيرات العالمية، ومواكبة العدالة المغربية لهذه التطورات من أجل تحول رقمي حقيقي كمشروع يتجاوز إنجاز وثائق إدارية وبعض المساطر، بل يروم إدخال الرقمنة في تدبير مرفق العدالة؛ وذلك بطاقات ومهندسين مغاربة لرفع هذا التحدي، بالإضافة إلى التقعيد القانوني للمحكمة الرقمية، وإدخال البعد الرقمي في المسطرة المدنية والجنائية، وفتح أوراش مع المهن القضائية ونطمح إلى أن ينخرط في هذا المشروع الكبير مختلف الفاعلين من جامعات وإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، بهدف جعل العدالة في عمق هذا التحول الرقمي الذي يشهده العالم.. وكلما زرت المحاكم ازداد اقتناع بأهمية إنجاز هذا الورش؛ فاليوم أصبح استعمال الحاسوب ضرورة ملحة، وكل التكوينات التي نقوم بها بالمحاكم والوزارة تهيئ الظروف المناسبة لتطويع الرقمنة. الدستور كرس مبدأ فصل السلط واستقلال القضاء، فما هي الإجراءات التي قامت بها وزارتكم لتعزيز ضمانات استقلال القضاء؟ وأين وصل المغرب في مشروعه لإصلاح القضاء من أجل مواكبة التطورات الدولية والمتطلبات الوطنية؟ إصلاح القضاء مشروع تاريخي يقوده الملك ويشرف عليه، وقطعنا فيه خطوات كبيرة؛ منها استقلال السلطة القضائية، وانتقال رئاسة النيابة العامة من وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، وتحولات نحن الآن بصدد التفكير فيها، ومرافقة هذه التحولات بمجهودات لتحديث التشريعات وملاءمتها مع المعطيات الجديدة، في إطار استمرارية عمل تراكمي يسهم فيه الجميع. كما نسعى إلى سن قانون جديد للتنظيم القضائي، وإصلاح القانون المنظم لصندوق التكافل العائلي، وإصلاح الكتاب الخامس من مدونة التجارة، وإصلاح مساطر صعوبة المقاولات؛ وهو ما مكن بلادنا من تحسين ترتيبها في مناخ الأعمال بالانتقال من المرتبة ال69 إلى ال60، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التشريع وجب أن يرافق المجهود الاستثماري والتنموي للبلاد، ويوفر الظروف لتحسين وتجويد مناخ الاستثمار. تحديث الترسانة التشريعية هو ضرورة متجددة من أجل مواكبة كل التطورات الواقعة في المجتمع.. هل تتوفر الوزارة على مخطط تشريعي؟ وما هي أهم مشاريع القوانين التي تنكبون عليها؟ سيتم عرض قانون جديد للطب الشرعي أمام البرلمان، ومشروع القانون الجنائي مطروح حاليا أمام لجنة التشريع في مجلس النواب، بالإضافة إلى مشروع إصلاح المسطرة الجنائية الذي يوجد في مرحلته النهائية بالأمانة العامة للحكومة، وهناك إصلاح المسطرة المدنية، وعدد من المشاريع التي نحن بصدد الانكباب عليها.. وقد تمكنا من إخراج عدد مهم من القوانين السنة الماضية، من أجل الحرص على أن تكون كل التشريعات ضامنة لحقوق الإنسان، وموسعة للحريات العامة والفردية في إطار دولة الحق والقانون، باستحضار ما وقّع عليه المغرب من اتفاقيات دولية خاصة فيما يتعلق بشروط المحاكمة العادلة، كقرينة البراءة وحقوق الدفاع.. وقدمنا أمام البرلمان مشروع قرار لتغذية الموضوعين تحت الحراسة النظرية بمخافر الشرطة ومراكز التوقيف، وهذا تشريع تاريخي رصدنا له الاعتمادات المالية اللازمة. ومن أجل تحقيق الإصلاحات المنشودة وجب أن يسهم جميع المتدخلين من سلطة قضائية ونيابة عامة ومهن ومجتمع مدني.. لأن التشريعات وجب أن تعبر عن واقع وطموحات المغاربة جميعا، وتسهم في تطور المسار الديمقراطي، وسنقدم مجموعة من مشاريع القوانين، ستواكب التطورات التي تشهدها بلادنا، ولا بد أن أشيد بتجاوب الأحزاب حكومة ومعارضة لدعمها مختلف المشاريع التي نتقدم بها أمام مجلس النواب، لاقتناع الجميع بوصفها تستهدف تطور المغرب وترسيخ العدالة وحقوق الإنسان. التكوين الأساسي للقضاء هو أهم مدخل من أجل تطوير وتأهيل الموارد البشرية التي تتحكم في الملفات المعروضة.. هل هناك رؤية لتكوينات متخصصة نوعية، من أجل الحكم في مجالات لها خصوصيتها كمجال الصحافة والنشر مثلا؟ مسألة التكوين مسألة إستراتيجية لأن الإصلاح يحتاج إلى كفاءات في هذه الظرفية التاريخية، ما دمنا بحاجة إلى جيل جديد من القضاة وكتّاب الضبط وممارسي المهن القضائية لحمل هذا الإصلاح وتطبيقه على أرض الواقع، والمؤسسة القضائية أنتجت اجتهادات مميزة وكوادر أسهمت بجهودها ونزاهتها، ونحن اليوم بحاجة إلى مؤسسات تكوين تواصل الفعل القضائي والاجتهاد، وقادرة على مواكبة تحولات الرقمنة، ومختلف المؤسسات كالمجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل تمنح التكوين أهمية كبرى. فنحن اليوم بصدد التفكير في صيغ للتكوين الأساسي وأيضا التكوين المستمر، نظرا لأهميته للأجيال الراهنة من أجل مسايرة التطورات التشريعية التي حصلت في بلادنا. كما نسعى إلى تكوين القضاة في مجال التواصل بشراكة مع المعهد العالي للاتصال، وتدريس اللغات الأجنبية واللغة الأمازيغية، من أجل ضمان تواصل احترافي للقضاة مع مجتمعهم، وإلمامهم بمختلف جوانب الحقل المهني الذي يشتغلون فيه، وما يحكمه من قيم وقوانين وأعراف، ومواكبة مجتمع المعرفة والتواصل وخاصة أشكال التواصل الحديثة، من صحافة رقمية وصفحات تواصل اجتماعي، من أجل تعاطي أفضل وفق تفاعل جيد مع المستجدات الراهنة؛ وهو ما يفرض أن تكون الأجيال الجديدة من القضاة على درجة كبيرة من الاطلاع والتكوين.