لا يختلف واقع التنمية المحلية بالجماعة الترابية أنجيل عن غيره من جماعات أخرى مجاورة تنطبق عليها مواصفات "دوار". ويتساءل سكان أنجيل عن موعد مرور قطار التنمية المحلية بجماعتهم من أجل فك العزلة عنها، وتخليصهم من المشاكل العالقة منذ سنوات. تتربع جماعة أنجيل، التابعة لإقليم بولمان، على هضبة، وهي تمتد من سد أنجيل شمالا إلى مدينة ميدلت جنوبا، ومن مدينة ميسور شرقا إلى قرية كيكو غربا. أغلب سكانها ينتمون إلى قبائل آيت بوسي وآيت سغروشن وآيت مروول وبعض القبائل الأخرى. ويبلغ عدد سكانها أزيد من عشرة آلاف نسمة، وفق الإحصائيات الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط. وخلال إعداد هذا الربورتاج حول واقع التنمية المحلية بأنجيل، أعرب عدد من الجمعويين، في تصريحات متطابقة لجريدة هسبريس الإلكترونية، عن آمالهم في أن تقوم السلطات الإدارية والمنتخبة بتدارك التأخر الحاصل في العديد من المشاريع، التي من شأنها تحسين المحيط الاجتماعي، وتمكين الجماعة من نصيبها في التنمية "المفقودة"، وفق تعبيرهم. كما أكدوا أن تهالك البنية الطرقية، التي توجد في حالة كارثية، تعد من بين المشاكل التي تؤرق الساكنة المحلية، التي تلتمس من الجهات المعنية إصلاح المسالك المتضررة، مشيرين إلى أن المنطقة تعاني عزلة من حيث المواصلات، إذ إن الحافلات تتجنب دخول جماعة أنجيل بسبب وضعها الكارثي. بغينا حقنا من التنمية تعتبر جماعة أنجيل واحدة من جماعات المغرب العميق، التي لا تزال تتخبط في دوامة التهميش والإقصاء، رغم بعض المشاريع المعدودة على رؤوس الأصابع، التي يتم تدشينها من حين إلى آخر بميزانيات ضئيلة، مما جعل السكان المحليين يصفون تلك المشاريع ب"مشاريع البريكولاج". إبراهيم أمعرش، وهو فاعل جمعوي بأنجيل، أوضح أن الجماعة كانت ولا تزال ذات مؤهلات كبيرة. وأضاف "لو تم العمل عليها لرأيناها في أفضل حال، خاصة أنها ثالث أكبر جماعة بالإقليم من حيث المساحة"، مشيرا إلى أنها تتوفر على عقار جماعي يعتبر من حيث المساحة والجودة الأفضل بالإقليم. وأوضح أمعرش، في تصريح لهسبريس، أن الجماعة تتوفر على آلاف الهكتارات الصالحة للزراعة والمشاريع المهيكلة، التي يمكن أن تعود على الدولة والساكنة بالنفع، وأن تخرج الجماعة من الموت البطيء، الذي تعانيه بفعل غياب فرص الشغل ومشاريع تنموية تحسن من وضع المنطقة البئيس، مضيفا "بغينا حقنا من التنمية". أنجيل مقبرة المشاريع ورغم أنها تتوفر على مؤهلات كبيرة قادرة على تحقيق جزء كبير من انتظارات وطموحات الساكنة المحلية، قالت عائشة أمني، القاطنة بأنجيل، في تصريح لهسبريس، إن الجهات المسؤولة ما زالت عاجزة عن استغلال الثروات المحلية في التنمية المحلية، وتوفير فرص الشغل للشباب. فيما أشار أمعرش إلى أن الجماعة تعتبر مقبرة المشاريع، مضيفا أن "من بين المشاريع التي ينطبق عليها "مشاريع مقبورة"، نجد مخطط المغرب الأخضر بمساحة 2000 هكتار، الذي توقفت أشغاله بسبب ما يقال إنه قلة المياه الجوفية، ومشروع لوزارة الفلاحة بشراكة مع الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، تم تجهيزه وتركه للعراء والتآكل دون الاستفادة منه ولا حتى تدشينه لمدة تقارب من العقد". وقالت عائشة أمني: "هناك من يتربص بسكان أنجيل من أجل حرمانهم من المشاريع التنموية المهيكلة، التي من شأنها أن توفر فرص الشغل للساكنة المحلية"، مشيرة إلى أن "المشاريع المتوقفة حاليا وحدها كافية لرسم صورة سوداء عن المنطقة، وعن مسؤوليها المنتخبين والإداريين". وتمنى أمعرش أن لا يكون مشروع "نور ميدلت" مثل باقي المشاريع المتوقفة والمتعثرة، مشيرا إلى أنه بالرغم من أن جماعة أنجيل تنتمي إلى إقليم بولمان، فإنها تتشارك حدودها مع جماعة ميدلت، حيث يتم تشييد المشروع الطاقي المهيكل "نور ميدلت"، الذي ابتلع أزيد من 2700 هكتار من الأراضي السلالية. الغابة وحطب التدفئة تتميز الجماعة الترابية أنجيل بمساحتها الغابوية التي عمرت قرونا من الزمن، حيث كانت تعتبر إلى الأمس القريب مصدر عيش السكان المحليين، وكانت مصدر توفيرهم حطب التدفئة، الذي يستغلونه لمحاربة البرد القارس الذي يضرب المنطقة كل فصل شتاء. وفي هذا الإطار أكد رشيد بويدري، عضو جمعية "حماية غابة عشلوج"، أن الجماعة كانت من أغنى الجماعات بالإقليم بفعل توفرها على غطاء غابوي مهم، مشيرا إلى أن الغابة التي تم استنزافها مع توالي سنوات النهب المنظم وتوالي المجالس الجماعية "الفاشلة"، لم تستطع استثمار تلك الثروة في تحقيق أي تنمية مستدامة للمنطقة. وأضاف أن "الغابة لم يبق منها غير القليل، والحرمان للأهالي الذين تركوا في مواجهة قساوة البرد، مع غياب حطب التدفئة في هذا الفصل الذي تنخفض فيه درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر". وطالب رشيد بويدري مسؤولي المياه والغابات والدرك الملكي والسلطة المحلية بضرورة محاربة ناهبي الثروة الغابوية بالمنطقة من أجل الحفاظ على جمالية المنطقة، والمساهمة في توسيع المساحة الغابوية، التي بدأت تنقرض سنة بعد أخرى بفعل العامل البشري، مشيرا إلى أن جمعيته تتعهد بحماية هذه الثروة، وأنها لن تتساهل مع أي جهة كيفما كانت. الصحة العليلة يعيش سكان جماعة أنجيل حالة ترقب وانتظار، خاصة بعدما انطلقت عملية تجهيز وإصلاح عدد من المؤسسات الصحية بالمغرب، وهو ما جعلهم يطالبون بالالتفات إلى واقع الصحة بالجماعة، الذي وصفوه ب "الكارثي". أحمد آيت موجان، وهو فاعل جمعوي بأنجيل، أكد أن الوضع الصحي بالجماعة لا يمكن وصفه إلا بالوضع الكارثي، مضيفا أنه لا يتناسب وحجم الجماعة وكذلك عدد سكانها، الذي بلغ قرابة 10 آلاف نسمة. وأوضح أن أنجيل تعتبر الجماعة الثالثة من حيث الحجم في إقليم يضم 21 جماعة، ورغم ذلك لا تتوفر على مستشفى. وقال إن طبيبا واحدا تم تكليفه بحوالي 10 آلاف مواطن بأنجيل، مشيرا إلى أنه غالبا ما يكون غائبا لسبب من الأسباب. وأضاف أن هناك ثلاثة مستوصفات صغيرة لا تتوفر على أبسط الآليات واللوازم لخدمة الساكنة، مشيرا إلى أن المستوصف الثالث الموجود بقرية عشلوج لا يتوفر على ممرض أو إطار طبي. وفي انتظار تعاطي إيجابي من لدن القائمين على القطاع بالإقليم، لا تزال شريحة واسعة من المرضى تتكبد عناء التنقل إلى مدن مجاورة، أو تكون مكرهة على التوجه إلى مصحات خاصة في ظل طول مواعيد إجراء التدخل الجراحي بمراكز تابعة لوزارة الصحة، أو انتظار الحملات الطبية المجانية. وقد حاولنا أخذ رأي المندوب الإقليمي في الموضوع، لكن تعذر علينا ذلك، إذ ظل هاتفه يرن دون مجيب.