موازاة مع انطلاق ثاني جلسات محاكمة معتقلي حراك الريف في طور الاستئناف بمدينة الدارالبيضاء، التي شهدت انسحاب المعتقلين، طالبت منظمة العفو الدولية (أمنيستي) السلطات المغربية بضمان شروط المحاكمة العادلة للمتابعين، وعددهم 54 شخصا جرى اعتقالهم على خلفية الاحتجاجات المطالبة بالعدالة الاجتماعية التي شهدتها مدينة الحسيمة والبلدات المجاورة لها السنة الماضية. وقالت منظمة العفو الدولية إنّ تحليلَها لمحاكمة معتقلي حَراك الريف في الطور الابتدائي بالمحكمة الابتدائية بمدينة الدارالبيضاء، بيّن أنّه "شابَها العديد من الانتهاكات للمحاكمة العادلة، ومن بينها أحكام الإدانة المستنِدة إلى "الاعترافات" المنتزعة تحت وطأة التعذيب". التقرير ل "أمنيستي" حول محاكمة معتقلي حَراك الريف، بُني على استجماع المُعطيات المتعلقة بالموضوع منذ اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية في الحسيمة ونواحيها، حيث سجّلت المنظمة في تقارير سابقة وجود انتهاكات لحقوق الإنسان رافقت الاحتجاجات، من قبيل تفريق المظاهرات بالقوة المفرطة، واقتحام البيوت دون إذن قضائي، وعدم احترام حرية التنقل... وقال محمد السكتاوي، المدير العام لمنظمة العفو الدولية المغرب، إنّ انتهاكات حقوق الإنسان التي رافقت احتجاجات الريف استمرّت خلال فترة اعتقال ومحاكمة النشطاء المعتقلين، بنقْلهم من مدينة الحسيمة إلى الدارالبيضاء، والاستناد إلى الاعترافات المنتزعة بالقوة أثناء التحقيق واعتبارها حُجة استُند إليها في إصدار الأحكام، "غير المناسبة حتى للتهم المزعومة الموجّهة إليهم". وأوضح السكتاوي، في تصريح لهسبريس، أنّ انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرض لها معتقلو حَراك الريف، والتي تخرق مبدأ المحاكمة العادلة، تجلّت في صُور لا يُمكن إنكار حصولها، مشيرا في هذا الإطار إلى نشْر صورة لناصر الزفزافي، أحد قادة حَراك الريف، وهو شبْه عارٍ، والظروف غير الإنسانية التي عاش فيها المعتقلون، والزج بهم في زنازين انفرادية، وتقويض مبدأ قرينة البراءة بنشر فيديوهات مُوجّهة للمحاكَمة أثناء سيْر التحقيق، معتبرا أنّ هذا الفعْل يخالف حتى الدستور. واعتبرت منظمة العفو الدولية أنّ التهم التي وجهتها النيابة العامة لمُعتقلي حراك الريف "غير متناسبة في كثير من الأحيان" مع الوقائع التي بُنيت عليها، مثل مصادمات المحتجين مع قوات الأمن، مشيرة إلى أنّ التهم الموجّهة إلى المعتقلين "يحمل بعضها أقسى العقوبات في القانون الجنائي المغربي، بما في ذلك "التآمر للمس بأمن الدولة" الذي يمكن أن يعاقَب عليه بالإعدام. وقال محمد السكتاوي إنّ المحاكمة التي يخضع لها معتقلو حَراك الريف تندرج في سياق التضييق الذي تمارسه الدولة على المدافعين عن حقوق الإنسان في المغرب "لأنهم يطرحون قضايا في الصميم"، مضيفا: "هذا يستدعي من الحكومة الانتباه إلى الأوضاع الاجتماعية لعامة المواطنين، والإنصات إلى مطالب المحتجين، سواء في منطقة الريف أو غيرها من مناطق المغرب". وجوابا على سؤال حول ما إذا كانت محاكمة معتقلي حراك الريف تكتسي طابَعا سياسيا، قالَ السكتاوي إنّ منظمة العفو الدولية لا تقارب قضايا حقوق الإنسان التي تشتغل عليها من هذه الزاوية، مبزرا أن ما يهمّ المنظمة هو مدى احترام السلطات لحرية التعبير والاحتجاج السلمي وحرية تنظيم التجمعات، وعدم استعمال القوة المفرطة ضدّ المتظاهرين، واحترام السلطة القضائية لشروط المحاكمة العادلة.