يبدو أن مجاهرة جبهة البوليساريو بالاستياء ماضية في الاتساع بمضي الأيام، وتوالي الانتصارات المغربية داخل ردهات الاتحاد الأوروبي؛ فبعد بروز اتجاه واسع ينادي بالتوقيع على اتفاق الصيد البحري، اتهم امحمد خداد، باعتباره "منسق جبهة البوليساريو داخل الاتحاد الأوروبي"، كلا من فرنسا وإسبانيا ب"معاداة البوليساريو ومعاكسة قرارات المحكمة الأوروبية بخصوص ملف الثروات البحرية". وأبدى خداد امتعاضه من إقدام المفوضية الأوروبية، بمعية فرنسا وإسبانيا، على تمرير اتفاق الصيد، متهما إياها ب"محاولة عرقة التسوية السياسية لملف الصحراء، والتنسيق لإفشال جهود الأممالمتحدة ومبعوثها الشخصي الألماني هورست كولر، بحكم أنها تعمل على تمرير اتفاقيات تهم أرضا متنازعا عليها". ورغم كل محاولات جبهة البوليساريو، يمضي اتفاق الصيد البحري نحو خطواته الأخيرة من أجل التوقيع، خصوصا عقب إبداء كل الدول الأوروبية، باستثناء السويد، موافقتها المبدئية على إدراج مياه الصحراء في الاتفاق الجديد الذي ينتظر منه أن يرفع العائدات المالية للمغرب، فضلا عن ربح نقاط على مستوى السياسة الدولية، عبر إقرار القارة العجوز بسيادة المغرب على صحرائه. وفي هذا الصدد، يري الشرقي الخطري، أستاذ بجامعة ابن زهر بأكادير، أن "القارة الأوروبية أصبحت تراعي مصالحها الجيو-استراتيجية المرتبطة أساسا بالمغرب، سواء على المستوى الاقتصادي أو الأمني، حيث يتصدر ملفا الهجرة والإرهاب القضايا الأمنية المشتركة، كما أنها تحاول تعميق علاقتها الاقتصادية مع بلدان الجوار بعد توالي الاحتجاجات وانهيار دولة الرفاه الأوروبية". وأضاف الخطري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "كل هذه العوامل ساهمت في إعادة نظر الطرف الجنوبي لأوروبا في قضية الصحراء، بخلاف الدول الاسكندنافية التي تعارض مواقف الجنوب"، مشيرا إلى أن "إسبانيا وفرنسا تمثلان التوجه الجديد للاتحاد القاري، وتسعيان بالأساس إلى خدمة مصالحهما، بحكم تواجد كثير من القوارب الإسبانية في المياه المغربية، فضلا عن ارتباط فرنسا بالاقتصاد المغربي". وأردف الباحث في العلوم السياسية أن "رد فعل خداد يعود إلى الانتكاسات الكبيرة التي تعرضت لها الجبهة خلال هذا العام، خاصة بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وصدور القرار الأممي الأخير، فضلا عن قرار المحكمة الأوروبية بخصوص اتفاق الصيد البحري، وكذا مخرجات مفاوضات جنيف، التي كرست ضبابية مواقف الجبهة فيما يتعلق بمستقبل المنطقة". وأوضح الخطري أن "ما أورده خداد يندرج ضمن حروب إعلامية استباقية لردع التصدع الحاصل داخل التنظيم"، مشددا على أن "المرحلة المقبلة ستحمل سيناريوهات جديدة بما يتماشى مع مستجدات العلاقات الدولية، التي أصبحت تستند إلى الاقتصاد والمصالح، خصوصا مع تولي دونالد ترامب زمام الإدارة الأمريكية، وإقدام بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي".