قال الأستاذ عبد الحق المريني مؤرخ المملكة ومحافظ ضريح محمد الخامس في محاضرة ألقاها اليوم بمكناس حول موضوع "البيعة المغربية عماد الوحدة والاستمرارية" إن البيعة، تعتبر بمثابة عقد يتضمن جملة من الحقوق والالتزامات المتبادلة بين الأمة والحاكم. وقدم الأستاذ المريني في هذه المحاضرة التي نظمها مركز التوثيق والأنشطة الثقافية التابع للمندوبية الجهوية للشؤون الإسلامية لجهة مكناس تافيلالت بمناسبة الذكرى 56 لعيد الاستقلال، تعريفا حول البيعة التي استقر عليها المغرب وجعلها أساسا لحكمه منذ قيام الدولة الإدريسية سنة 172ه`. وأوضح أن البيعة التي ظهرت منذ فجر الإسلام، عندما بايع المؤمنون الرسول عليه السلام وأكدوا له العهد، تعد أساس العلاقة بين الحاكم والمحكومين في الدولة الإسلامية، وأنه تم تأسيس نظامها بالمغرب وفق قواعد محددة، حيث كان أهل الحل والعقد وأولو الأمر من رجال الدولة، من شرفاء وعلماء وشيوخ وأعيان يتبادلون الرأي والمشورة لعقد البيعة التي كانت تقام بأكبر المساجد. وأضاف أنه بمجرد مبايعة الملك، يقع الإشهاد على ذلك أمام عدول الأمة وقضاتها، وأول من يقدم مراسيم المبايعة هم أهل الشورى، ويكتب عقدها بحروف بارزة وتعلق بأبواب المساجد ضمانا لإشهار بنودها واستمراريتها مشيرا إلى أن هذا النمط استمر إلى غاية العهد الحافظي. وأبرز أن البيعة رابطة أساسية بين القمة والقاعدة، ولكل طرف منهما حقوق وعليه واجبات، فالطرف الأول هو الأمة التي تلتزم بتقديم الطاعة والولاء للسلطان الملزم بالحفاظ على سلامتها وأمنها الداخلي والخارجي ووحدتها الدينية والترابية والدفاع عنها وعن قواعد الشرع، والتصدي لكل سوء قد يمسها. وهكذا - يضيف المحاضر - احتفظ المغرب بنظام خاص لبيعة ملوكه، حيث أصبح نظام البيعة من خصوصيات الملكية المغربية منذ إدريس الأول، وأضحت مؤسسة تشكل الأساس في تكريس وإقامة الديمقراطية. واستعرض جملة من المحطات التاريخية التي جسدت التزام الملوك بعقد البيعة منها على الخصوص ما التزم به الملك الراحل محمد الخامس عندما وقف في وجه المستعمر إلى غاية تحقيق الاستقلال، فكانت الشرارة الأولى لثورته خطاب طنجة سنة 1947 حيث أكد للعالم أن وحدة المغرب غير قابلة للتجزيء، والثانية في 20 غشت 1953 عندما رفض مخططات الحماية. وأضاف أن هذا الالتزام والوفاء بالعهد تجسد في عهد الملك الراحل الحسن الثاني عبر العديد من المحطات أبرزها المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء، التي حقق من خلالها المغاربة وحدتهم الترابية. وأضاف أن البيعة مازالت أخذ وعطاء بين القمة والقاعدة واستمرت في عهد الملك محمد السادس إثباتا لما تنص عليه من التزامات وواجبات متبادلة مشيرا إلى أن الدساتير المغربية ومنذ نشأتها سنة 1908 جعلت من البيعة أداة لاستمرار الشرعية للبلاد.