رغم التوتر الذي تشهده العلاقات المغربية الفرنسية بين الفينة والأخرى، إلا أن صناع القرار في باريس يعتبرون ذلك مجرد سحابة عابرة، ويؤكدون أن العلاقات بين البلدين قوية ومتينة بحكم التعاون التاريخي الذي يجمع بينهما. دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى قال إن فرنسا والمغرب "ملتزمان بمواصلة حوار دائم وصريح في جميع المجالات والقضايا، لأن المملكة دولة صديقة وحليفة في إطار الأولويات التي حدّدتها اللجنة المشتركة بين الوزارات المعنية بالتعاون الدولي". التنسيق بين المغرب وفرنسا، وفقا لمصادر دبلوماسية تحدثت لجريدة هسبريس الإلكترونية في باريس، لا يهم فقط الدولتين، بل أيضا القضايا الإقليمية والدولية والتحولات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من قبيل الوضع في ليبيا والتغيرات في منطقة الساحل والصحراء ومحاربة الإرهاب. وأضاف المصدر ذاته، في تصريحه على هامش دورة تكوينية تنظمها وزارة الخارجية الفرنسية لعدد من الصحافيين المغاربة، أن "الروابط بين البلدين متقاربة جدا، والاتصالات تجري بشكل يومي بين المسؤولين الفرنسيين والمغاربة". وقالت مصادر في الخارجية الفرنسية إن "المغرب حقق في السنوات الأخيرة تطورا نوعيا على مستوى البنية التحتية والطرق والموانئ والمطارات بدرجة أولى، وهو ما زاد من تعزيز التجارة بين البلدين، وما يدل على ذلك وجود 900 شركة فرنسية مستقرة في المغرب بحجم استثمارات يبلغ 2.4 مليار يورو". "هذا المستوى الذي وصلنا إليه اليوم من العلاقات مكن من ترسيخ وضع المغرب كشريك اقتصادي تاريخي لفرنسا"، يضيف الدبلوماسي الفرنسي، الذي أكد أن المملكة المغربية هي الوجهة المفضلة للاستثمارات الفرنسية. وبخصوص الجالية المغربية في فرنسا التي تبلغ مليونا ونصف المليون نسمة، حسب آخر الإحصائيات، وهو أكبر تجمع للمغاربة خارج البلاد، أشار المتحدث نفسه إلى أن هناك روابط إنسانية وثقافية توحد بين هذه الجالية وبين الفرنسيين، مضيفا أن "المغاربة يتربعون على عرش أقوى الجاليات الأجنبية في فرنسا، ضمنهم حوالي 37 ألف طالب مغربي يتابع دراسته هنا". ويحتلُّ المغاربة الصدارة من حيث عدد الطلبة الأجانب الذين يُتَابعون دراستهم بفرنسا؛ إذ بلغ عددهم 38 ألف طالب سنة 2017. وحسب تقرير صادر عن "الوكالة الفرنسية للتعليم العالي"، فإن 11 في المائة من الطلبة المغاربة مسجلون في الجامعات الفرنسية، أي ما مجموعه 25 ألفا و669 طالبا، فيما بلغ عدد الطلبة المسجلين بمدارس التجارة 3 آلاف و570 طالبا. أما عدد الطلبة المسجلين بمدارس المهندسين، فبلغ 4 آلاف و698 طالبا. من جهة ثانية، لفت المصدر الفرنسي إلى أن غياب الرئيس إيمانويل ماكرون عن مؤتمر مراكش العالمي حول الهجرة جاء بسبب الأوضاع التي تشهدها البلاد، والخطاب الذي كان مبرمجا أن يلقيه حول تداعيات حركة "السترات الصفراء" مساء أمس الاثنين. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حضر الشهر الماضي مراسيم تدشين الملك محمد السادس للقطار فائق السرعة "البراق"، وهو مشروع اقتصادي ضخم تم إنجازه بشراكة فرنسية مغربية.