وتتطلع لإفراز نخبة من النواب تستجيب لانتظاراتها ورهاناتها الجديدة تعيش مدينة مكناس، على غرار باقي مدن المملكة، على إيقاع الانتخابات التشريعية المقررة ليوم 25 نونبر الحالي، حيث تتطلع الساكنة إلى إفراز نخبة من النواب تستجيب لانتظاراتها ورهاناتها الجديدة على مختلف المستويات. فمكناس التي بلغ عدد المسجلين بها في اللوائح الانتخابية حوالي 325 ألف بالوسطين الحضري والقروي، ستختار من يمثلها في مجلس النواب عبر ست جماعات حضرية و14 جماعة قروية ومن خلال ستة مقاعد، لها طموحات ومطالب تتقاطع مع المطالب العامة لمجموع المغاربة، وأخرى خاصة تحتاج إلى "حنكة سياسية" من نوابها لتأهيلها وجعلها في مصاف المدن الكبرى. وإن كان النقاش الدائر بالمدينة يقف عند عدد من القضايا العامة المرتبطة بالمرحلة ومستقبلها وبأطروحات وبرامج الأحزاب السياسية لدى النخبة والعموم، فإنه لم يستثن مسألة تغيير ألوان بعض المرشحين فضلوا الانتقال إلى أحزاب يرونها "ملائمة" وتناسب ميولاتهم أكثر في الاستحقاقات المقبلة، رغم أن بعضهم مازال محسوبا في المجالس البلدية والهيئات المنتخبة على الأحزاب التي غادروها. وقد شكل هذا الترحال بين الأحزاب غداة الانتخابات التشريعية التي ستجري في ظل الدستور الجديد، "قلقا" لدى البعض ومسألة غير واضحة المعالم والأهداف، فيما اعتبره آخرون أمرا "عاديا" يعكس التحولات التي يعيشها المشهد السياسي والحزبي بالمغرب، يعززه قانون الانتخابات الجديد الذي قطع الطريق على مجموعة من السلوكات ومنها عملية الترحال التي كانت في السابق تجري أثناء وبعد الانتخابات. ويدرك المرشحون والأحزاب بمقتضى القانون الانتخابي الجديد، أن من رغب في التخلي عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح في الانتخابات باسمه، فإنه سيجرد من عضويته في الهيئة المنتخبة، وأي خرق لهذه القوانين سيعرض المرشح أو الحزب إلى غرامة مالية تتراوح ما بين 20 ألف و100 ألف درهم. أما بخصوص الحملة الانتخابية التي انطلقت نهاية الأسبوع الأخير، فقد تعددت التفسيرات والآراء حولها، خاصة وأن بوادرها لم تظهر في مكناس حيث يسود الهدوء الشوارع والأزقة والأسواق وكل الأمكنة العامة، اللهم بعض الاجتماعات الحزبية التي لا تخرج عن فضاء المقرات بحضور المناضلين والمناصرين، لمناقشة بعض الترتيبات الخاصة بالحملة. كما أن بعض مظاهر الحملة جسدتها بعض الأحزاب بشكل محتشم عبر إلصاق صور مرشحيها بسيارات تجول هنا وهناك للتعريف بهم ولفت انتباه المواطنين إليهم. ويجد الهدوء الذي يسود الحملة حاليا تفسيره عند البعض في كون مدينة مكناس تعودت على سلك هذا النمط في الحملات، فيما يرى البعض الآخر أن المرشحين لم يتوصلوا بعد بالمخصصات المالية المقررة من أحزابهم اللهم إلا الملصقات وصور المرشحين ونسخ للبرامج. وهناك فريق آخر يرى أن المرشحين للانتخابات يرغبون في الاقتصاد في المصاريف على حملاتهم التي تتطلب وسائل لوجيستيكية، في انتظار اقتراب موعد الاقتراع للرفع من الوتيرة والتواصل مع الساكنة. فالمرشحون واعون أكثر من أي وقت مضى بما ينتظرهم في حال صرف المال في غير محله ومحاولة استعماله لاستقطاب الأصوات خاصة مع وجود ترصد لمختلف التحركات. كما أن هؤلاء ملزمون بالقطع مع المراحل السابقة التي شهدت تجاوزات من هذا النوع، فحتى الأحزاب أضحت بحكم القانون الجديد مطالبة بالتصريح بكل النفقات للمجلس الأعلى للحسابات الذي له كامل الصلاحية لافتحاص ماليتها وترتيب الجزاء عليها وحرمانها من المنحة إن لم تقدم جردا بمصاريفها ومداخليها. كما أن هناك من يرى بأن "الهدوء" يدل على أن استعداد الأحزاب بفروعها الإقليمية بمكناس غير كاف لمواجهة هاته الانتخابات التي تأتي في مرحلة جد دقيقة من تاريخ المغرب السياسي، ويشوبها بعض "الارتباك" جراء التحولات التي يشهدها الشارع المحلي والوطني، يقابلها تنامي وعي المواطن الذي رفع من سقف انتظاراته ورغبته في سلوك انتخابي جديد. أما بخصوص المرشحين بمكناس فتختلف القطاعات التي ينتمون إليها، وعلى رأسهم الفاعلون الاقتصاديون، إلى جانب فلاحين ومحامين وأطر تربوية وأجراء، إلا أن السؤال الذي يطرحه الشارع المكناسي بألحاح هو "ماذا سيقدم هؤلاء لمدينتهم؟"، خاصة وأن عددا من الوجوه سبق وأن مثلتها في مجلس النواب، إلا أن المدينة ،حسب تقديرهم، ظلت تتخبط في مشاكل بنيوية لا حصر لها.