دفع ملف العاملات المغربيات ضحايا الابتزاز والتحرش والاعتداءات الجنسية بحقول الفراولة الإسبانية حكومتي مدريد والرباط إلى اتخاذ تدابير وقائية جديدة بغية تفادي تكرار الوقائع الذي شابت الموسم الفلاحي الماضي؛ إذ عقد وفد مغربي لقاء مع مسؤولين إسبان بمقر الحكومة المحلية لإقليم الأندلس، بغرض التباحث بشأن سبل تحسين ظروف عمل وإقامة العاملات الموسميات في حقول جني الفواكه الحمراء بمدينة ويلبا. وعرف اللقاء حضور أنطونيو ألاركون، المدير العام المسؤول عن قضايا الهجرة بوزارة الشغل الإسبانية، ونورالدين بن خليل، الكاتب العام لوزارة الشغل والإدماج المهني، ومانويلا بارالو، نائبة مندوب الدولة بحكومة بمدريد، وفرانسيسكو خوصي روميرو، مندوب الحكومة المحلية لمحافظة الأندلس الجنوبية، بالإضافة إلى العديد من الفاعلين الاجتماعيين المدعوين للإدلاء بآرائهم ومقترحاتهم بخصوص ملف العاملات الموسميات. صحيفة "ويلبا إنفورماثيون"، التي أوردت الخبر، قالت إن المسؤولين الإسبان ونظراءهم المغاربة قدموا سلسلة إجراءات وتدابير جديدة بغية توفير ظروف اشتغال أفضل للعاملات المغربيات، مشيرة في السياق ذاته إلى أن هذا اللقاء الثنائي يروم تثبيت معايير الشفافية والوضوح خلال مختلف مراحل التعاقد والاشتغال، خاصة أنه من المرتقب أن تشهد الحملة المقبلة لجني الفراولة والفواكه الحمراء والحوامض تزايدا من حيث عدد المستفيدات. وأوضح أنطونيو ألاركون أن عملية تشغيل العاملات الموسميات المغربيات، خلال الحملة الفلاحية المقبلة، ستشهد بعض التغييرات بدءا من إجراءات التحضير إلى حين عودة المستفيدات إلى بلدهن الأصلي، مؤكدا أن السلطات المعنية باشرت استعداداتها من أجل ضمان حملة مثالية وآمنة ومنظمة، لاسيما أن "مالكي الضيعات بمنطقة ويلبا عبروا عن رضاهم عن الأداء الجيد للعاملات المغربيات خلال الموسم الماضي"، بتعبيره. وأصر المسؤول الحكومي الإسباني على ضرورة تفعيل سلسلة تعديلات قصد تجنب الانتهاكات الجنسية المزعومة التي طالت المزارعات المغربيات، مبرزا أن السلطات المركزية والمحلية ورجال أعمال ومهنيي القطاع الفلاحي بإقليم الأندلس كثفوا جهودهم لكي تمر الحملة الفلاحية المقبلة في أفضل الظروف؛ فيما انتقدت منظمات حقوقية إسبانية الطريقة التي تعاطت بها حكومة مدريد مع ملف المشتكيات من الاستغلال الجنسي. من جهته أبرز بن خليل أن برنامج التعاقد مع المزارعات المغربيات يعكس التعاون الصادق بين المملكتين الإسبانية والمغربية، مشيدا في الآن نفسه بتجربة "الهجرة الدائرية"، باعتبارها الخطة النموذجية والصيغة الأكثر ملائمة لحماية مصالح المهاجرين، إذ يتم من خلالها تمكين اليد العاملة المغربية المهاجرة إلى الدول الأوروبية من العودة إلى بلدها الأصلي، مع الاحتفاظ على إمكانية رجوعها من جديد إلى البلد المستقبل. "التدابير الجديدة تشمل حملات التوعية التي ستقوم بها الحكومة المغربية، من خلال عرض وصلات إشهارية عبر مقاطع فيديو تظهر حقوق وواجبات وظروف اشتغال المستخدمات في حقول الفراولة"، تقول الصحيفة الإسبانية، التي أوردت أيضا أن السلطات الإسبانية ستشتغل على جوانب متعلقة بتعزيز دور الوسطاء بغرض توفير المساعدة والمعلومات للعاملات الموسميات وتمكينهم من الاتصال في حال تعرضهم لأي مشكل. وقالت الحكومة المحلية لإقليم الأندلس إن مسألة عودة العمال المغاربة إلى بلدهم الأصلي تطرح إشكالات كبيرة، موردا أن السلطات الوصية وضعت خطة عمل من أجل تمكين المزارعات المغربيات من الحصول على تصاريح إقامة بعد أربع حملات فلاحية متتالية، لاسيما بعدما قررت نحو 2500 عاملة موسمية البقاء في التراب الأيبيري في وضعية غير قانونية، ورفضن العودة إلى المغرب فور انتهاء صلاحية عقود عملهن. وأكد بن خليل أن البلدين يعملان على تحسين الظروف المعيشية والصحية للمستفيدات من عقود العمل، بالإضافة إلى إدراج برامج ثقافية من أجل جعل مدة إقامتهم داخل التراب الإسباني أكثر ملاءمة؛ فيما أوضح المسؤولون الإسبان أن ما وقع السنة الماضية كان أمرا استثنائيا، وأن "حكومة إقليم الأندلس ستقدم خدمات قانونية للعاملات المغربيات عبر تخصيص لجن خاصة هدفها تفقد أوضاع اشتغالهن داخل الحقول".