قال الملك محمد السادس، مساء اليوم، إنه سيواصل العمل من أجل وضع حد لسياسة الريع والامتيازات، ورفض كل أشكال الابتزاز أو الاتجار بقضية الوحدة الترابية للمملكة، مؤكدا تمسك المغرب بمقترح الحكم الذاتي لحل قضية الصحراء. وأضاف الملك في خطاب إلى الشعب المغربي، بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين للمسيرة الخضراء، أنه لن يدخر أي جهد في سبيل النهوض بتنمية الأقاليم الجنوبية في إطار النموذج التنموي الجديد، "حتى تستعيد الصحراء المغربية دورها التاريخي كصلة وصل رائدة بين المغرب وعمقه الجغرافي والتاريخي الإفريقي". وبموازاة ذلك، يرى الملك أن "تنزيل الجهوية المتقدمة يساهم في انبثاق نخبة سياسية حقيقية تمثل ديمقراطيا وفعليا سكان الصحراء، وتمكنهم من حقهم في التدبير الذاتي لشؤونهم المحلية، وتحقيق التنمية المندمجة، في مناخ من الحرية والاستقرار". واعتبر الملك في الخطاب ذاته أن حدث المسيرة الخضراء شكل مرحلة فاصلة في النضال المتواصل من أجل استكمال الوحدة الترابية للبلاد، وقال: "ها نحن اليوم نربط الماضي بالحاضر، ونواصل الدفاع عن وحدتنا الترابية، بنفس الوضوح والطموح والمسؤولية والعمل الجاد، على الصعيدين الأممي والداخلي". ويتجسد هذا الوضوح وفق العاهل المغربي "في المبادئ والمرجعيات الثابتة التي يرتكز عليها الموقف المغربي، والتي حددناها في خطابنا بمناسبة الذكرى الثانية والأربعين للمسيرة الخضراء. وهي نفس المرجعيات التي تؤسس لعملنا إلى اليوم". كما يتجلى في التعامل، بكل صرامة وحزم، يقول الملك محمد السادس، مع مختلف التجاوزات، كيفما كان مصدرها، التي تحاول المس بالحقوق المشروعة للمغرب، أو الانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المحددة. وأضاف الملك محمد السادس أن الطموح "يتمثل في تعاون المغرب الصادق مع السيد الأمين العام للأمم المتحدة، ودعم مجهودات مبعوثه الشخصي قصد إرساء مسار سياسي جاد وذي مصداقية". كما تعكسه أيضا، يقول العاهل المغربي، "المبادرات البناءة، والتجاوب الإيجابي للمغرب مع مختلف النداءات الدولية لتقديم مقترحات عملية كفيلة بإيجاد حل سياسي دائم، على أساس الواقعية وروح التوافق، وفي إطار مبادرة الحكم الذاتي". وأشار الملك في خطاب ذكرى المسيرة إلى أن المغرب "يبقى مقتنعا بضرورة أن تستفيد الجهود الحثيثة للأمم المتحدة، في إطار الدينامية الجديدة، من دروس وتجارب الماضي، وأن تتفادى المعيقات والنواقص التي شابت مسار مانهاست". واعتبر الجالس على عرش المملكة أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي ترتكز على الوضوح والطموح، ولم تكن فقط بهدف الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، والتي تتقاسم معظم الدول الإفريقية موقفه بشأنها. وتابع أن عودة المغرب الإفريقية نابعة من الاعتزاز بالانتماء للقارة، والالتزام بالانخراط في الدينامية التنموية التي تعرفها، والمساهمة في رفع مختلف التحديات التي تواجهها، دون التفريط في حقوق المغرب المشروعة ومصالحه العليا. وأشاد الملك بالقرارات الأخيرة لقمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي المنعقدة بنواكشوط، وانسجامها مع المواقف والمبادئ الدولية ذات الصلة، معتبرا أن هذا الموقف البناء هو انتصار للحكمة وبعد النظر، وقطع مع المناورات التي تناسلت في رحاب الاتحاد الإفريقي، وأضاعت على إفريقيا وشعوبها وقتا ثمينا كان أحرى أن يوظف من أجل النهوض بالتنمية وتحقيق الاندماج. وبنفس الروح، يقول الملك محمد السادس، "سيعمل المغرب على الاستثمار في شراكات اقتصادية ناجعة ومنتجة للثروة، مع مختلف الدول والتجمعات الاقتصادية، بما فيها الاتحاد الأوروبي، إلا أننا لن نقبل بأي شراكة تمس بوحدتنا الترابية"، بتعبير الجالس على عرش المملكة. وأكد الملك حرصه على أن تعود فوائد هذه الشراكات بالنفع المباشر، أولا وقبل كل شيء، على ساكنة الصحراء المغربية، وأن تؤثر إيجابيا في تحسين ظروف عيشهم، في ظل الحرية والكرامة داخل وطنهم.