ومْضتان جميلتان أضاءتا سماء المغرب الملبَّدة بامتعاض عام من الحُكْم والحُكومة والحَكامة. زاد من سنا هاتين الومضتين وتوهجهما براءة الأيادي التي حملت المشعل وملائكيَّة الأبطال الذين بعثتهم لنا السماء علَّنا نتنفس نسمة نشوة، بعد أن خنقتنا الإحباطات. عنّ لي، إذن، أن أدوِّن بعض الخواطر عن فوز أطفال من جمعية «انطلاقة» الصويرية بمراتب جد مشرفة في بطولة العالم للحساب الذهني بتركيا وتتويج الطفلة التّاوْناتية مريم بطلة مسابقة «تحدي القراءة العربي» في دورتها الثالثة، التي شارك فيها أكثر من 10 ملايين طالبة وطالب. وأنا أهمُّ بالكتابة، وجدتُني مشحوناً بأفكار جد سلبية. كل ما كان يدور في خُلْدي هو غياب الدعم الرسمي، مجتمع لا يقرأ، جلُّ إنجازاتنا تكون فردية منذ الراضي، الصالحي، عويطة، نوال، الكروج، الشقروني، أرازي، بدر هاري... لربما كنتُ سأتعمق قليلاً لمُساءلة بعض منظوماتنا التي تحول دون الْتئام فرق عمل ناجحة والمثال الفاضح هو الحكومة الحالية المشلولة والتي تحمل ملامح «فرانكشتاينية»... فكَّرت، إذن، أن أكتب شيئاً من هذا القبيل، قد أزيد قليلا أو أنقص قليلا، وقد أُطعِّم خواطري ببعض الأرقام التي تزيد من قتامة الصورة... فجأة تراجعت عن مشروعي لأتساءل: لماذا كل هذه السلبية وفي هذه المناسبة بالضبط؟ يقول الأصوليون: «المناسبة شرط».. وعليه، فمناسبة هاته النشوة التي أحسسنا بها هي إنجازات حققتها الطفولة المغربية، هي إحدى تجليات الجمال المغربي، هي إحدى اللحظات التي تؤزُّنا إلى الافتخار بمغربيتنا، فلْنَعِش اللحظة ولنَفرح. كان بوُدِّي أن أخط كلمات إضافية أشكر فيها من أثلجوا صدورنا برفع العلم الوطني عالياً؛ بيْد أني سأكتفي بأن أهدي لهم محاولة كتبتها منذ سنوات، لكني أخالُها لا تزال محافظة على راهنيتها... سلامي إلى مريم وصديقاتها، سلامي إلى كل من يعشق المغرب. حكاية وطن وقلب يوم افتقدْتُ وطني، سألتُ عنه قلبي، فما نطقْ… التفتتُ إلى رفيقي مستفهماً قال، ربما من قلبك قد انزلقْ… قلتُ، مذْ شربتُ ماءه، وطني في قلبي قد الْتصقْ… أشار إلى حيت الموج يتشققْ… قلت، يا صاح، وطني وُلِدَ ببحرين، أوَ تَظن أن مثْلَه يغرقْ… قال، سمعت صوتا مزعجا، هناك، من حيث النور أشرقْ.. قلت، ما كان يوما وطني ذئبا يعوي أو حمارا ينهقْ… قال، ربما هرب، وللعِنان أطلقْ… قلت، وطني حر، وما كان عبداً لِيَأْبَقْ.. قال، أَوَلَيْسَتْ خارطته من ورقْ..؟ قلت، بلى.. قال، ربما قد احترقْ… قلت، وطني بلدة، وناس، و جمال وإحساس، فسبحان من لوطني قد خلقْ… قال، ربما انتحر ولنفسه شنقْ… قلت، وطني أذكى من ذلك وأحدقْ… قال، فانْسَ، وأرحنا من هذا المأزقْ… قلت، ما كنت بحب وطني أتشَدَّقْ… قال فأعد سؤال قلبك، وتحققْ… الْتَفتتُ إلى قلبي، فزفر بعد أن شهقْ، فاضت مُقْلتاه، ولرأسه أطرَقْ… قال أنا من عن وطنك قد افترقْ… هالَنَي ما تلبسه من خِرَقْ.. هالني ما تسيله من عرق… وهالني ما تعيشه من أرقْ… وطنك يا صاح، يُكْرِمُ مَنْ أَجْرَم وسرقْ… ويُؤْتيه مِنْ خيراته على طبقْ.. وكأبٍ معتوه أخْرَقْ مَيَّز بَيْنَ أبْنائه وفَرَّقْ.. .. أرْعَدَ مُحَيَّايَ وأَبْرَقْ… قلت، ويحك قلبي ، استغفر مَنْ أوْجَدَك من عَلقْ… أَوَ نسيتَ كمْ حنَّ عليكَ وطني وأشفقْ… أنسيت، زرقة البحر، وخضرة المرج، وحمرة الشفقْ… أنسيت الخِلاَّن، وخبز الفرّان، ومن لِغيابك فؤادهم انفلقْ … فهلاَّ سلَّمتَ على وطني وقلْ لَه، ما جفاك ابنك، وعليك ما حَنَق… فحُبك كادَ يُمسي عِنْدَه، دِيناً يُعْتَنَق.