المغرب وبلجيكا يؤكدان على تقوية الحوار السياسي وتعزيز الشراكة الاقتصادية (بلاغ مشترك)    تعزيز التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا وألمانيا تحضيرا لكأس العالم 2030    رئيس الحكومة يترأس الاجتماع الأول لمجلس إدارة الوكالة المغربية للدم ومشتقاته    حموشي في "نقاش ثلاثي" بمدريد    قيادة حزب الاستقلال تدعم سعي نزار بركة إلى رئاسة الحكومة المقبلة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تستفيد من استثمارات استراتيجية ضمن 17,3 مليار درهم صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمارات    الشبكة الكهربائية.. استثمار يفوق 27 مليار درهم خلال السنوات الخمس المقبلة    تساقطات ثلجية وزخات رعدية وهبات رياح بعدد من أقاليم المملكة    معهد التاريخ يبرز عالمية المغرب    رسميا.. الوداد يعزز صفوفه بضم مالسا    حصيلة أداء اليوم ببورصة البيضاء    مكتب السلامة الصحية يؤكد إخضاع المشروبات لمراقبة صارمة بالمغرب    جائزة عبد الله كنون تكرّم الإبداع الفكري في دورتها الثانية عشرة حول "اللغة العربية وتحديات العولمة"    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    انهيار الطريق بين الحسيمة والجبهة..اتخاذ عدة إجراءات لضمان استمرار حركة السير    6 أفلام مغربية ضمن 47 مشروعا فازت بمنح مؤسسة الدوحة للأفلام    حزب "النهج" يستنكر التعسف في هدم المنازل بالأحياء المهمشة    طقس المغرب: رياح قوية وأمطار رعدية وتساقطات ثلجية بهذه المناطق    الحكومة تقر 20 مشروعا استثماريا ب 17.3مليار درهم بهدف خلق 27 ألف فرصة عمل    إفران تطمح إلى الحصول على العلامة الدولية لمدينة نظيفة 100 في المائة    مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة يطلق منصة رقمية لتعزيز الشفافية في دعم الجمعيات والتعاونيات    الفنان المغربي علي أبو علي في ذمة الله    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تقرير: 66% من أسئلة النواب دون جواب حكومي والبرلمانيات أكثر نشاطا من زملائهن    الريان يعلن إنهاء التعاقد مع المغربي أشرف بن شرقي    ترامب يأمر بتقييد إجراءات عمليات التحول الجنسي للقاصرين    ساعة نهاية العالم تقترب أكثر من منتصف الليل.. 89 ثانية تفصلنا عن الكارثة    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    ليفاندوفسكي:" أرغب في إثبات أن العمر مجرد رقم"    إدارة ترامب تسمح للمؤثرين وأصحاب "البوز" بالتغطية الإعلامية في البيت الأبيض    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    توقيف مروج للبوفا مبحوث عنه بموجب مذكرات بحث وطنية    دلالات ‬الموقف ‬المغربي ‬المتزن ‬و ‬المتفرد ‬من ‬رؤية ‬الرئيس ‬ترامب    رويترز: أحمد الشرع طلب من روسيا تسليم الأسد    توقيف شخص بتهمة التخطيط لقتل وزير في الولايات المتحدة    بعد 5 أشهر من الانفصال المفاجئ.. موراتا يعود لزوجته    المحمدية: البحرية الملكية تتدخل لتقديم الإخلاء الصحي لسفينتين أجنبيتين    المحكمة تدين شقيق بودريقة بالسجن النافذ في قضية تزوير عقاري بالدار البيضاء    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    نجم كرة القدم الإسباني المعجزة لامين يامال إشترى لجدته وأمه وأبيه ثلاثة منازل في عمره 16 سنة    التعاونيات كقوة دافعة للتنمية: نحو نظم زراعية وغذائية أكثر استدامة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا    إجلاء 176 شخصًا بعد اندلاع النيران في طائرة بكوريا الجنوبية    "كاف" يقرر رفع عدد المنتخبات المشاركة في "كان" تحت 17 سنة المقرر في المغرب إلى 16 منتخبا    حكيم زياش يقترب من التعاقد مع الدحيل القطري خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية    الرجاء الرياضي يفك ارتباطه رسميا بالمدافع ياسر بالدي خلال فترة الإنتقالات الشتوية الحالية.    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون متعلق بنظام الضمان الاجتماعي    الذهب يصل إلى هذا المستوى    المغرب يتصدر قائمة الوجهات السياحية الموصى بها لعام 2025 من قبل كبار منظمي الرحلات البرازيليين    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    في الرياض.. الكشف عن الفائزين بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام لعام 2025    عائلة الشاب حسني والشاب عقيل تمنع حفلهما بالمغرب    "الأطفال".. فيلم قصير لفوزي بنسعيد يفتح النقاش حول حقوق الطفل وإصلاح القانون الجنائي    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الدعم العمومي للأحزاب السياسية
نشر في هسبريس يوم 19 - 10 - 2018

خلال جلسة افتتاح الدورة التشريعية الخريفية التي انعقدت يوم الجمعة الماضي، دعا الملك محمد السادس أمام أعضاء مجلسي البرلمان إلى "الرفع من الدعم العمومي للأحزاب، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار"؛ كما أكد في الخطاب ذاته على أهمية المرحلة التي اختار لها شعار: "روح المسؤولية والعمل الجاد".
أياما قليلة بعد افتتاح الدورة التشريعية ترجم مجلس المستشارين هذه الإرادة إلى أمر واقع بمناسبة انتخاب رئيس الغرفة الثانية؛ فقد كان العبث سيد الموقف مرة أخرى عندما أسفر الاقتراع عن فوز مرشح الأصالة والمعاصرة عن المعارضة (64 صوتا) على مرشح العدالة والتنمية عن الأغلبية (19 صوتا). وإذا ظهر السبب بطل العجب، ففي خطوة تتعارض مع كل الأعراف السياسية ومع منطق التحالفات الحزبية في العالم، اختارت بعض التشكيلات الحزبية المكونة للأغلبية الحكومية الاصطفاف مع المعارضة ودعم مرشح "البام"؛ وفي المقابل قرر حزب الاستقلال الذي ينتمي إلى المعارضة الامتناع عن التصويت... إنه الاستثناء المغربي الذي تعودنا عليه خلال السنوات الأخيرة، والذي لم يعد يفاجئ الرأي العام ولا يثير انتباهه واهتمامه.
الربط بين خطاب الملك والسلوك الحزبي يدفعنا إلى طرح عدة أسئلة: هل تستحق هذه الأحزاب الاستفادة من مزيد من الدعم العمومي؟ وأي دور تقوم به في تأطير المجتمع والمساهمة في تحقيق مطلب الديمقراطية الفعلية في بلادنا؟ وهل تمتلك أحزابنا السياسية مقومات التفكير والتحليل والابتكار؟.
ندرك جميعا أن المشهد الحزبي يعاني من أعطاب كثيرة، سواء على مستوى الديمقراطية الداخلية أو على مستوى امتلاك سلطة اتخاذ القرار واستقلاليته؛ وكذا في ما يتعلق بتأطير المواطنين والقيام بأدوار الوساطة بين مؤسسات الدولة والمجتمع. ولعل صفة "الدكاكين الحزبية" التي كانت في الماضي تعبر عن بعض الأحزاب التي لا تظهر إلا عندما تحين المواعيد الانتخابية تكاد تكون خلال السنوات الأخيرة صفة مشتركة بين كل الأطياف الحزبية التي لا تحمل أي مشروع مجتمعي واضح المعالم والملامح، ولا تربطها أي علاقة بهموم ومشاكل وانتظارات المجتمع، ولا تمارس أدوارها المفترضة في التحسيس والتوعية وإقناع الشباب بالمشاركة والفعل السياسيين، ولا تهتم بتجديد نخبها ولا باستقطاب الأطر والكفاءات...
بالإضافة إلى مداخيلها الذاتية، كواجبات الانخراط والهبات، تشتمل موارد الأحزاب السياسية - طبقا لمقتضيات المادة 31 من القانون التنظيمي رقم: 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية- على الدعم السنوي المقدم من الدولة لتغطية مصاريف التدبير وتنظيم مؤتمراتها، وكذا الدعم المخصص لتمويل الحملات الانتخابية. وبالعودة إلى تقرير المجلس الأعلى للحسابات المتعلق ب"تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي للسنة المالية 2016"، نقرأ في الصفحة 09 أن المبالغ المالية التي استفادت منها الأحزاب من خلال الدعم العمومي وصل مجموعها إلى 316 مليونا و298 ألف درهم. بينما لم يتجاوز مجموع الموارد الذاتية لهذه الأحزاب برسم السنة نفسها مبلغ: 51 مليونا و343 ألف درهم؛ وهو ما يعني أن الدولة ساهمت بنسبة تزيد عن 86 في المائة من مجموع الميزانية السنوية العامة لأحزابنا السياسية. بل إن التفاصيل تشير إلى أن 14 حزبا من بين 32 شملها التقرير برسم مالية 2016 تعتمد بشكل كامل على حصتها من الدعم العمومي، أي إنها لا تمتلك أي موارد ذاتية، وهي حقيقة صادمة تسائل مرة أخرى الجدوى من تواجد هذه الأحزاب أصلا مادام دورها الوحيد هو هدر المال العام وبلقنة المشهد السياسي.
الرفع من قيمة الدعم العمومي للأحزاب السياسية ربطه خطاب الملك بتوظيف جزء منه في مجالات التفكير والتحليل والابتكار؛ فهل هذا يعني أن ضعف مردودية الأحزاب في هذه المجالات ناتج عن محدودية قدراتها المالية؟.. الواقع أن أزمة المشهد الحزبي في بلادنا هي ترجمة فعلية لحالة البؤس التي تعرفها الممارسة السياسية عموما، فالحديث عن الابتكار والتفكير يقتضي أن تتوفر التشكيلات الحزبية على نخب مثقفة وفاعلة لتجديد خطاباتها السياسية والتفاعل الإيجابي مع القضايا الاجتماعية، والتأثير المباشر في مختلف النقاشات التي يعرفها المجتمع، والتعبير بكل حرية واستقلالية عن مواقف تخص مختلف الملفات المطروحة استنادا طبعا إلى إيديولوجية كل حزب وخطه السياسي ورؤيته المجتمعية...والحال أن معظم الأحزاب المغربية فقدت هويتها، ولا تمتلك أي مشروع مجتمعي، لأنها في الغالب الأعم تهتم بنيل رضا السلطة أكثر مما تهتم برصيدها النضالي أو بانتظارات قاعدتها الانتخابية والمتعاطفين معها؛ ولأن همها الأساسي هو الحصول على المقاعد البرلمانية، فإنها باتت تتسابق إلى استقطاب الأعيان، بينما يتوارى المناضلون الحزبيون الذين تدرجوا في أجهزتها إلى الهامش، وهو ما يساهم في مزيد من النفور وعدم الثقة في الفاعل الحزبي.
إن الحديث عن الديمقراطية لا يستقيم بدون أحزاب قوية ذات حضور في النسيج المجتمعي، وذات رؤى سياسية تتنافس في البرامج والبحث عن حلول مبتكرة للمشاكل والاختلالات التي يعرفها البلد. ومادامت أغلب أحزابنا تفتقر إلى هذه الشروط ولا تسعى إلا إلى التناغم مع اختيارات السلطة وبرامجها فإنها ستظل بدون تأثير، وستظل معها انتظارات الشارع بعيدة عن التحقق؛ مادامت هذه الأحزاب -التي يفترض فيها أن تترجم هموم هذا الشارع- منسلخة عن الواقع لأنها عاجزة عن التواصل والتأطير والتأثير...وستبقى دار لقمان على حالها مهما كان حجم الدعم العمومي الذي سيمنح لهذه الأحزاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.