قال محمد فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن "السلطة القضائية بالمغرب عرفت، خلال السنوات العشر الأخيرة، تحولات عميقة وإصلاحات كبرى جعلت منها نموذجا متفردا وتجربة متميزة في مجال الاستقلال". وأوضح فارس، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي للقضاة في نسخته الواحدة والستين، والمنظم من طرف الودادية الحسنية للقضاة والاتحاد الدولي للقضاة بمدينة مراكش، أن "هذا الاستقلال في مجال السلطة القضائية يضمن الفصل الواضح والتوازن الواجب والتعاون المطلوب بين كل السلط". وعرج فارس في كلمته، بحضور عدد من القضاة من مختلف دول العالم، وبحضور وزير العدل محمد أوجار، على تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مؤكدا أنه "مجلس بتركيبة متنوعة منفتحة واختصاصات متعددة وأدوار مجتمعية كبرى، ذات أبعاد حقوقية وقانونية متميزة وبروح إصلاحية عميقة لا يمكن أن تخطئها العين أو يزيغ عنها الفؤاد"، وفق تعبيره. ونوه الرئيس الأول لمحكمة النقض بتركيبة المجلس التي "راعت التمثيلية النسوية بانتخاب 3 قاضيات يمثلن زملائهن قضاة محاكم الابتدائية والاستئنافية، وتنوع الأجيال القضائية؛ جيل القضاة الشباب الديناميكي التواق إلى الإبداع والتجديد، وجيل يمثل الحنكة والصنعة التي حبكتها الأيام والسنين مع اختلاف المهام والمسؤوليات والتجارب". وشدد المتحدث نفسه على أن المعركة الحقيقية للسلطة القضائية "هي سمو الحق وسيادة القانون وصون المكتسبات ومكافحة الفساد بكل صوره وأشكاله وضمان الحقوق والحريات"، مضيفا أن مدخلها الأساسي للنجاح يتمثل في "تغيير العقليات لتستوعب المستجدات والتحلي بالموضوعية والانكباب على العمل بروح الفريق كل من موقعه ومسؤولياته". وشدد فارس على أن القضاة "مطالبون جميعا بالإجابة عن تساؤلات كبرى ذات طبيعة تنظيمية وقانونية وحقوقية وأبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وأخلاقية دقيقة ومركبة"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الرهان اليوم هو "إيجاد عدالة قوية مستقلة مؤهلة ومنفتحة على محيطها الوطني والدولي، تواكب كل المستجدات بتفاعل إيجابي وتعاون مع باقي الفاعلين". من جهته، أكد الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، أنه طالما حقق الدستور للقضاء الاستقلال المؤسساتي وجعله سلطة دستورية قائمة الذات، فإن "هذا الاستقلال لا يحول دون تعاون السلطات في إطار التوازن، إذ تتعاون سلطات الدولة الثلاث لتنفيذ السياسات العامة، وتؤدي كل سلطة واجبها المنوط بها دستوريا بما يكفل سلامة تدبير الشأن العام، في الحدود المرسومة بمقتضى القوانين، وفي مقدمتها القانون الأساسي للمملكة الذي يضمن استقلال السلطة القضائية". ولفت رئيس النيابة العامة إلى أن "القضاة مطالبون باستحضار البعد الحقوقي السامي لمبدأ الاستقلال"، وزاد: "فلنتمسك باستقلالنا في قراراتنا، لإصدار أحكام عادلة ومنصفة، تستند إلى القانون والاجتهاد القضائي الراسخ، وليس إلى الأهواء والنزوات"، وتابع بأن القضاة ملزمون باستعمال السلطات القانونية المخولة لهم "لتحقيق الأمن القضائي وتوفير مناخ الثقة في المؤسسات؛ وهو ما سيوفر الأجواء المناسبة للاستثمار والظروف المساعدة على زيادة الإنتاج وظروف الشغل والاستقرار للساكنة".