قال محمد عبد الوهاب رفيقي، الشهير بأبي حفص، إن القدرة على التسامح والتعايش بالمغرب "لن تكون ممكنة ما لم يتم تطوير المنظومة التعليمية، مع قطيعة معرفية مع التراث الذي يكرس الإقصاء ورفض الآخر". واعتبر رفيقي، في حديثه خلال ندوة "تعايش الثقافات وخطاب التسامح" ضمن فعاليات مهرجان "تلاقح الثقافات"، بالمركز الثقافي بالعرائش مساء السبت، أن تدريس الفاتحة مع إحالة آية "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" على اليهود والنصارى "فيه تشجيع على الكراهية". وأضاف المتحدث أن قيمة التعايش "ليست ترفا، بل قضية وجودية، قد تكون سببا في فناء المرء أو بقائه"، وأنه كان في السابق منحصرا في المجتمع الواحد، "أما اليوم فالتعايش، في سياق العولمة الثقافية، كسر كل الحدود واقتحم الجغرافيا والهويات، وخرجنا من عهد الانغلاق الهوياتي إلى آفاق جد حرة"، وفق تعبيره. كما أوضح رفيقي أن المشكلة في مجتمعاتنا "أكبر من التسامح مع الآخر، بل يجب الحديث أولا عن التسامح مع الذات والتصالح مع المحيط، قبل الحديث عن الآخر". من جهته، ركز الإعلامي أشرف الطريبق، في مداخلته، على دور الإعلام في إشاعة قيم التسامح والتعايش، باعتباره سلطة تمكنت من فرض قيمها أيضا داخل المجتمع. واعتبر الطريبق أن الإعلام الجديد، على عكس ما هو مرجوٌّ منه، "لا يُستخدم في تكريس قيم التعايش، بل أصبح منبرا لتكريس الحقد والكراهية وتصريف الخطاب العدائي". كما دعا الطريبق إلى ضرورة خلق "صحافة اندماجية" تعمل على إدماج جميع مكونات المجتمع دون إقصاء هذا الطرف أو ذاك، أو تكريس كراهية تجاه فئة ما. إلى ذلك، استعرضت الكاتبة الأوروغوانية فالنتيينا فييطرو تجربة جزءٍ من حياتها بعد أن سافرت إلى أوروبا، حيث لاحظت وجود مجموعات منغلقة على ذاتها، رغم أنها تعيش داخل بلد غربي كفرنسا. عندها، تضيف المتحدثة، "أصبحت أعرف قيمة التعايش، الذي لا ينبغي أن يكون عبارة عن تحمّل للآخر رغما عنا، بل تعايش حقيقي ومحبة متبادلة"، مؤكدة أن الفضول "يمنحنا فرصة التعرف على الآخر". الكاتب الإسباني العرائشي "سيرخيو باسي" استعرض في مداخلته النوستالجية الكثير من أمثلة التعايش التي عايشها خلال فترة طفولته بين دروب مدينة العرائش. وأكد المتحدث أنه لم يشعر يوما خلال طفولته أنه مختلف عن باقي أقرانه المسلمين أو اليهود، إذ كان الجميع يحتفل بكل الأعياد دون تمييز أو شعور بالنقص.