تجتاح موجة غضب عارمة نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية، على خلفية موت طفل في هجوم على مؤسسة "خيرية" بفاس؛ إذ تعالت أصوات بعض الجمعيات الحقوقية وهيآت المجتمع المدني منددة بحالة الفوضى التي تعرفها هذه المؤسسات، في غياب تام للنظام والأمن الداخليين. في هذا الصدد، استغربت الجمعية المغربية لليتيم من التسيب الذي يسود دور الرعاية الاجتماعية منذ فترة طويلة، داعية كلا من وزارة الداخلية والإدارة العامة للأمن الوطني إلى إعادة النظام المفقود داخل هذه المؤسسات. وطالبت الجمعية وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية بتوفير الظروف الملائمة لهؤلاء النزلاء، الذين أصبحوا مهددين أكثر من أي وقت مضى، إثر غياب مقاربة أمنية صارمة داخل المؤسسات، والأمر نفسه ينطبق على الموظفين والمستخدمين الذين يشتغلون في ظروف غير مناسبة. وعبرت الجمعية المغربية لليتيم، في بلاغ تتوفر جريدة هسبريس الإلكترونية على نسخة منه، عن أسفها من الأوضاع الحالية التي يعيش فيها الأيتام والأطفال المتخلى عنهم داخل هذه المؤسسات، مشددة على ضرورة الاعتناء بهذه الفئات الهشة التي تلاحقها بعض الأفكار والصور النمطية في المجتمع؛ إذ تعاني التهميش وتلاحقها نظرة التحقير من قبل غالبية المواطنين. وقال ياسين بنشقرون، رئيس الجمعية المغربية لليتيم، إن "الهجوم الذي لحق إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية بفاس يسلط الضوء على واقع النزلاء (المنبوذين) الذين يعيشون في ظروف أقل ما يمكن القول عنها إنها كارثية ومحزنة للغاية". وأضاف بنشقرون، في حديثه مع هسبريس، أن الهجوم على "الخيرية" يعكس غياب إستراتيجية حقيقية من قبل السلطات الوصية عليها من أجل تحسين أوضاع المقيمين فيها، الذين يتعرضون للظلم وسوء المعاملة من بعض فئات المجتمع والإدارة على السواء. ودق الفاعل الجمعوي ناقوس الخطر بخصوص ما آلت إليه مؤسسات الرعاية الاجتماعية خلال السنوات الأخيرة، مرجعا هذه الوضعية "المزرية" إلى غياب مسؤولين لهم من التخصص ما يكفي لحلحلة هذه المشاكل البنيوية. وأردف أن "المؤسسات تفتقد إلى الموظفين والمستخدمين الحاصلين على شهادات ودبلومات لها علاقة بالمجال التربوي والأسري؛ ما يساهم في زيادة الفوضى التي تشهدها دور الرعاية"، موضحا أن القطاع الاجتماعي هش للغاية؛ لذلك يجب مضاعفة الجهود من أجل مساعدة هذه الفئات التي تعاني الأمرين، التهميش والاحتقار في الآن نفسه. ويشهد موضوع الرعاية الاجتماعية تقصيرا كبيرا من قبل السلطات الحكومية بسبب غياب المتابعة من قبل المجالس البلدية، وانعدام المواكبة النفسية والاجتماعية للنزلاء، فضلا عن محدودية الإدماج الاقتصادي الذي يضع صعوبات أمام اندماج النزيل في المجتمع، والذي بجرد بلوغه سن الثامنة عشر، يجد نفسه مضطرا إلى مغادرة المؤسسة.