بعدما تطرق الملك محمد السادس في أكثر من خطاب لضرورة تفعيل اللاتمركز الإداري، الذي اعتبره ورشاً ضرورياً ومستعجلاً لمواكبة الجهوية المتقدمة التي شرع المغرب في تطبيقها بعد الانتخابات الجماعية لسنة 2015، ربطت الحكومة تنزيل هذا الورش بنهاية شهر أكتوبر الجاري. ويقصد باللاتمركز الإداري أن تتمتع الجماعات بسلطات واسعة وأن يحق لها التصرف في كل الشؤون الإدارية على المستوى المحلي بهدف تحقيق الديمقراطية المحلية، أي أن توزع السلطة الإدارية على المستوى الجهوي والمحلي. وكشف مصدر ضمن تشكيلة سعد الدين العثماني أن الحكومة بصدد إصدار ميثاق اللاتمركز الإداري مع نهاية شهر أكتوبر الجاري، تفعيلا لتعليمات الملك محمد السادس في هذا الشأن. ويعيش المسؤولون المحليون، وفقا للمصدر الحكومي ذاته، على أعصابهم، خصوصا وأنهم سيتخذون مجموعة من القرارات التي كانت حكرا على الإدارات المركزية؛ إذ يرتقب أن تشرع الحكومة في تأهيل الإدارات الجهوية للقيام بدورها الجديد، وفي مقدمة ذلك رفع التنسيق فيما بينها في مجال السياسات العمومية. وأوصت الحكومة رؤساء الجهات بضرورة اعتماد آليات التعاقد مع الجماعات الترابية، مشددة على ضرورة إعطاء الأولوية للتنسيق بين البرامج الجهوية وسياسة الدولة في إطار ما هو متاح من إمكانيات مالية للدولة. وكان كل من سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وعبد الوفي لفتيت، وزير الداخلية، قد قدّما عرضاً حول التوجهات العامة لسياسة الدولة في مجال اللاتمركز الإداري القائمة على قواعد جديدة تحكم العلاقات المختلفة بين الإدارتين المركزية واللاممركزة. وفي هذا الصدد، أشار العرض إلى أربعة محاور رئيسية؛ أولها اعتماد الجهة كمستوى ترابي مناسب لهذه السياسة يكون فيها والي الجهة ممثلاً للسلطة المركزية على مستوى الجهة، بما يضمن تنشيط عمل المصالح الترابية للقطاعات الوزارية والتنسيق والالتقائية والمتابعة وتنفيذ المشاريع العمومية المبرمجة على مستوى الجهة. وينص المحور الثاني على الارتقاء بالمصالح اللاممركزة إلى محاور أساسي على المستوى المحلي، من خلال تمكين ممثليها بالجهة من السلطات التقريرية اللازمة. ويشير المحور الثالث إلى تقديم الدعم للجماعات الترابية وتقوية قدراتها في إطار من الشراكة والتعاقد مع مختلف الفاعلين الجهويين، وكذا تتبع تنفيذ المشاريع الهيكلية على المستوى الجهوي. وينص المحور الرابع، ضمن العرض الذي قدم أمام الملك، على وضع مخططات مرجعية في مجال تحديد الاختصاصات والوسائل التي سيتم نقلها إلى المصالح اللاممركزة للقطاعات الوزارية، والالتزامات المترتبة عن ذلك، ووضع آليات لقيادة وتنسيق ومتابعة وتقييم تطبيق هذا الورش الهيكلي. وقد دعا الملك، خلال المجلس الوزاري، إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، في أقرب الآجال، لنقل مجموعة أولى من الصلاحيات والوسائل من المركز إلى المصالح اللاممركزة، وتجاوز التحفظ غير المبرر من قبل بعض الإدارات المركزية في هذا الشأن.