أعادَ وصولُ المهاجرين الأفارقة إلى جنوب القارة العجوز النقاش من جديد داخل أروقة الاتحاد الأوروبي حول جدوى التشريعات الجديدة التي تبنتها الدول الأعضاء فيه لمنع آلاف المهاجرين من دخول أراضيها؛ فقد اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إسبانيا خاصة، وأوروبا عموما، تجاوز المقاربة التقليدية والعمل على بناء جدار في الصحراء جنوب الدول المغاربية للحيلولة دون هؤلاء المهاجرين من القارة السمراء. المقترح الأمريكي الجديد كشفَ تفاصيله وزير الخارجية الإسباني، جوزيف بوريل، عندما التقى دونالد ترامب وناقش معه التحديات التي تطرحها الهجرة الإفريقية على دول الاتحاد الأوروبي؛ فقد دعا ترامب خلال اللقاء إلى بناء جدار في الصحراء الكبرى يفصل بين دول الدول المغاربية وباقي أفريقيا، وقال إن الحدود في الصحراء لا يمكن أن تكون أكبر من الحدود الأمريكية المكسيكية. وقالت وسائل إعلام إسبانية إن "طول الحدود الأميركية المكسيكية يبلغ حوالي 1900 ميل، بينما يُقدر طول المسافة من شرق الصحراء الكبرى إلى غربها حوالي ثلاثة آلاف ميل"، مضيفة أن "السلطات الاسبانية تستبعدُ إجراءً كهذا"، لأن "الحل لا يتعلق ببناء الجدران بل بتقييم الأضرار المستقبلية ومحاولة تفاديها، خاصة وأننا سنكون أمام قارة سيتضاعف عدد سكانها خلال العشرين سنة المقبلة". وقال وزير الخارجية الإسباني إن "مشكلة الهجرة لن تحلَّ في المستقبل القريب لأن الأمر يتعلق بقضية معقدة لها منافذ هوياتية وثقافية، والمجتمعات الأوروبية ليست مهيأة بالقدر الكافي لاستيعاب هذا الكم الهائل من المهاجرين القادمين من شمال إفريقيا وبعض دول الساحل". وتبحثُ أوروبا عن وسائل جديدة لمنع المهاجرين الأفارقة غير النظاميين من دخول القارة العجوز؛ إذ لم تُفلح التشريعات الجديدة التي تبناها الاتحاد الأوروبي في ثني الآلاف منهم عن ركوب المغامرة للوصول إلى أوروبا؛ وهو ما حذا بالمجلس الأوروبي إلى دعوة دول شمال إفريقيا إلى مد يد العون من أجل تجاوز واحدة من أشدّ الأزمات التي تشهدها دول أوروبا. وكانت إحصاءات الأممالمتحدة أفادت بأن 17.966 مهاجرا وصلوا إلى أوروبا برا منذ يناير 2018، ما يزيد سبع مرات تقريبا عن عدد الواصلين في الفترة ذاتها من عام 2017 الذي يقدر ب 2464. وكشفت معطيات منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة أن المغاربة يتربعون على عرش المهاجرين السريين الذين وصلوا بحرا إلى إسبانيا منذ يناير الماضي إلى حدود التاسع من الشهر الجاري، موضحة أن "عدد المغاربة يزيد عن 6000، متبوعين ب 4800 من غينيا كوناكري، و4150 من مالي، و2000 من ساحل العاج، فيما لم يتجاوز عدد الغامبيين والكاميرونيين وغيرهم 2000 مهاجر سري عن كل بلد".