هيمن هاجس الديون الداخلية والخارجية للخزينة على السياسة الاقتصادية لحكومة سعد الدين العُثماني، التي تتجه إلى تبني سياسة التقشف و"تزيار السمطة" لما تبقى من عمرها قبل انتخابات 2021. وبدت واضحة السياسة التقشفية التي تعتمدها الحكومة من خلال المعطيات التي تعدها حول قانون المالية لسنة 2019، وهو ما يعد استمرارا لحالة عدم الرضا التي أبان عنها منشور رئيس الحكومة الموجه إلى القائمين على القطاعات الوزارية والمؤسسات، والذي يطالبهم من خلاله بإعداد المقترحات المتعلقة ب"البرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات 2019-2021 مدعومة بأهداف ومؤشرات نجاعة الأداء". ولتحقيق استقرار الدين العام في 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في متم عام 2021، الذي حدده البرنامج الحكومي، تؤكد المعطيات الحكومية الحديثة أنه يتعين العمل على ترتيب أولويات الإنفاق، معترفة بصعوبة التوفيق بين تحسين جاذبية الاقتصاد والاستجابة للطلب المتزايد والملح للخدمات الاجتماعية، وجهود ضبط الموازنة العامة. وفي هذا السياق يرتقب وفقا للمعطيات الحكومية أن ينخفض معدل مديونية الخزينة العامة ليصل إلى 64.6 في المائة سنة 2018، و64.5 في المائة سنة 2019، بعد الارتفاع الذي عرفه سنة 2017 ببلوغه 65.1 في المائة، مشيرة إلى أن المكون الداخلي سيصل 50 في المائة من الناتج الداخلي الخام لينخفض إلى 49.5 في المائة سنة 2019. هذا وأفرزت وضعية نفقات ومداخيل الخزينة عند نهاية ماي 2018 عجزا في الميزانية ناهز 21.5 مليارات درهم، وذلك بسبب ارتفاع النفقات العادية بنسبة 3.6 في المائة ونفقات الاستثمار بنسبة 8 في المائة. ورغم تأكيدات الحكومة أن تنزيل القانون التنظيمي لقانون المالية سيساهم في ترشيد النفقات، ما سيمكن من خفض اختلال التوازن في الميزانية، إلا أن المعطيات الحكومية التي وجهها العثماني إلى مؤسسات الدولة تدعو إلى التحكم في كتلة الأجور المتوقعة من خلال حصر إحداث المناصب المالية في الحاجات الضرورية للإدارة، مع استغلال الإمكانات التي تتيحها المقتضيات المنصوص عليها في القانون التنظيمي للمالية، خاصة تلك المتعلقة بإعادة انتشار المناصب المالية بين الموظفين. وأكد العثماني في وقت سابق على ضرورة مضاعفة الجهود لترشيد النفقات المتعلقة بالمعدات والنفقات المختلفة، مع تقليص نمط عيش الإدارة، خاصا بالذكر النفقات المتعلقة بمستحقات الماء والكهرباء والاتصالات ومصاريف النقل والتنقل داخل وخارج المملكة، وكذا مصاريف الاستقبال والاحتفالات والدراسات. وفي هذا الصدد تسعى الحكومة، خلال السنوات الثلاث المقبلة، إلى "التدبير الناجع للموارد المتاحة، مع الحرص على تعزيز فعالية تحصيل المداخيل وعقلنة النفقات العمومية"، مشيرة إلى "إعطاء الأولوية لدعم القطاعات الاجتماعية، خاصة التعليم والصحة، والتشغيل وتقليص الفوارق الاجتماعية".