بشكل مفضوح، تُواصل دولة الجزائر الإشراف على المعسكرات التدريبية والتأطيرية لعدد من أطر جبهة البوليساريو الانفصالية، تحت غطاء ما يُسمى ب"الجامعات الصيفية للدولة الصحراوية"، والتي تنطلق غداً السبت في ولاية بومرداس، بمشاركة 400 ناشط صحراوي قادمين من مخميات تندوف، فضلا عن وفد حقوقي قادم من الأقاليم الجنوبية المغربية. وتعتبر "الجامعة الصيفية لأطر جبهة البوليساريو"، في نسختها التاسعة، من أبرز المحطات السنوية التي يتلقى فيها أطر وقيادات التنظيم الانفصالي تدريبات مكثفة في المجال العسكري والدبلوماسي والسياسي قصد تثبيت وتكريس خيار العداء التاريخي للوحدة الترابية للمملكة. وأعلن البوليساريو أن أشغال الجامعة الصيفية تنعقد هذه السنة، في الفترة الممتدة من 4 غشت الجاري إلى غاية 14 منه، تحت شعار "الذكرى ال45 لتأسيس جبهة البوليساريو واندلاع الكفاح المسلح، عهد واستمرارية لنيل الاستقلال والحرية". وتُغدق الجزائر أموالاً طائلة على المشاركين في الأيام الصيفية، إذ تتكلف "اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي" بالتعاون مع سفارة البوليساريو بالجزائر بجميع المصاريف المادية واللوجستية من أجل إنجاح الموعد السنوي الذي دأبت ولاية بومرداس على احتضانه. ويُشارك في الجامعة الصيفية للموسم الحالي أزيد من 400 مشارك من نشطاء الجبهة الانفصالية ووفد حقوقي يُمثل "انفصاليي الداخل" من جنوب المغرب؛ وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام. وككل سنة، يُرتقب أن يقوم "انفصاليو الداخل" بأعمال استفزازية لحظة توجههم إلى الجزائر عبر مطارات المغرب، حيث لم يتردد وفد يضم حوالي 40 "مناضلاً" السنة الماضية من رفع أعلام ما يُعرف ب"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" والجزائر، أمام أعين السلطات المغربية، وهي الواقعة التي استفزت مشاعر المغاربة، داعين الجهات المسؤولية إلى منع هؤلاء "الناشطين" من السفر إلى الجار الشرقي لأنهم يُشكلون خطراً على أمن البلد. نوفل البوعمري، الباحث المتخصص في شؤون الصحراء، قال إن السلطات المغربية مطالبة اليوم بوضع حد لتنقل نشطاء البوليساريو بكل أريحية، مورداً: "إذا كان المغرب في إطار احترامه لحرية التنقل المنصوص عليها في الدستور لا يمنع هؤلاء من المشاركة في الجامعة؛ فإن هناك أسئلة تُطرح حول طبيعة ومضمون المشاركة نفسها ومدى تهديدها للأمن بالأقاليم الصحراوية". وأوضح الباحث، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المخابرات الجزائرية هي من تشرف على تنظيم الملتقى السنوي تحت مسمى جامعة صيفية، حيث تستقطب له العشرات من سكان الأقاليم الصحراوية تحت يافطة "الحقوقيين" والطلبة". وأكد البوعمري أن "الأمر يتعلق بتجمع تحريضي ضد المغرب يرتكز على تعلم كيفية إشاعة الفوضى والبلبلة في إطار ما يسمى بدروس المقاومة السلمية؛ وهي في حقيقتها دروس نظرية يتم تلقين المشاركين فيها خاصة الوافدين من جنوب المغرب على كيفية التحرك وزرع بذور الفتنة". وتابع المتحدث أنه مباشرة بعد الجامعة الصيفية التي نُظمت سنة 2009 بولاية بومرداس الجزائرية، وهي أول جامعة شارك فيها "انفصاليو الداخل"، تفجرت حداث إكديم إزيك، مشدداً على أن "هذه الجامعات ليس مناسبة للتثقيف السياسي، بل العسكري لأن هناك من يستغل الفرصة للذهاب للمخيمات والتدرب على حمل السلاح". وخلص البوعمري إلى أن "المغرب إن كان يحترم ويحمي حق التنقل؛ فهؤلاء ليسوا فوق القانون الذي ينطبق على الجميع بل تحته.. وعندما يتعلق بتهديد واضح للمغرب ولأمنه وجب تطبيق القانون على هؤلاء لأنه لا يوجد أي بلد يسمح بمثل هذه الممارسات والتحركات"، مشيرا إلى أن "إسبانيا مثلاً كانت تمنع حتى التلفظ بالانتماء إلى "إيطا" الانفصالية، فما بالك بمن يقوم بمثل هذه الاستفزازات".