كشف تقرير برلماني أعدته لجنة تقصي الحقائق بمجلس المستشارين حول المكتب الوطني المغربي للسياحة، في فترة المدير العام السابق عبد الرفيع زويتن، أن هذه المؤسسة تعيش جملة من الإشكالات وتعرف اختلالات مالية وتدبيرية خلال السنوات السبع الماضية. وكان مجلس المستشارين قد شكل هذه اللجنة من أجل تقصي الحقائق حول المكتب الوطني المغربي للسياحة للوقوف على أدائه في مجال الترويج السياحي للمملكة، وملامسة العوامل التي تعيق التنزيل الأمثل لأهداف "رؤية 2020" والاستراتيجيات المنبثقة عنها. محمد ساجد، وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، أشرف نهاية شهر يونيو الماضي، على تنصيب عادل الفقير مديرا عاما جديدا للمكتب نفسه، بعد شهور من إقالة المدير السابق عبد الرفيع زويتن، والأخير تولى تسيير المؤسسة منذ صيف 2013. وأشار التقرير، الذي حصلت هسبريس على نسخة منه، إلى أن افتحاص التقارير والوثائق ومداولات جلسات الاستماع إلى المسؤولين على المكتب كشف حقائق ترصد حجم الإشكالات التي يتخبط فيها المكتب، والتي تؤثر بشكل جوهري على مردوديته، من خلال مستويات التدبير المالي والإداري والحكامة. ومن أبرز خلاصات التقرير نجد غياب ميزانية قارة للتنمية السياحية؛ إذ كان من المتوقع منح المكتب، وفق "رؤية 2020" مليارا و300 مليون درهم سنوياً لتفعيل مخطط العمل، إلا أنه يلاحظ أن ميزانيته لم تتجاوز نصف هذا المبلغ، كما أن نفقات الترويج إجمالاً من برامج الإشهار والدعاية والشراكات تصل بالكاد 1.5 في المائة من مداخيل السياحة، في الوقت الذي تشكل 3% النسبة المتعارف عليها دولياً. كما رصدت لجنة تقصي الحقائق عدم ترشيد وعقلنة الإعانات الموجهة لقطاع الطيران، وعدم استخلاص المكتب لجميع مداخيل الرسوم التي تأتي من ليالي المبيت التي قد تصل إلى 190 مليون درهم سنوياً، في حين إن مبالغ التحصيل الفعلية لا تتجاوز 120 مليون درهم سنوياً؛ الأمر الذي يفوت على المكتب مداخيل تقدر بحوالي 70 مليون درهم سنوياً. ووقفت اللجنة على ارتفاع غير مبرر لبعض تكاليف التسيير، منها كلفة السكن الوظيفي للمدير العام تقدر بسومة كرائية شهرية تصل إلى 50 ألف درهم، وكراء مقرات للمندوبيات بالخارج التي تكلف حوالي 10 ملايين درهم سنوياً. كما قام المكتب الوطني المغربي للسياحة بإنجاز العديد من الدراسات بتكلفة مالية باهظة دون الاستفادة منها، وقالت اللجنة البرلمانية إنه رفض تمكينها من هذه الدراسات على الرغم من مراسلتها إياه. التقرير كشف أيضاً أن تعيينات المدراء بالمكتب كانت تتم في بعض الأحيان بشكل انفرادي من طرف المدير العام السابق، إضافة إلى غياب الرقابة بخصوص القطاع غير المهيكل، المتمثل في الشقق والرياض والمنازل المعدة للكراء، من قبل الجهات المعنية، وخاصة وزارات الداخلية والمالية والسياحة. ولاحظ التقرير أيضاً عدم جدوى العمليات الإشهارية خلال العطل التي تشكل فترات الذروة للسياحة، في الوقت الذي يجب فيه تكثيف هذه الحملات الإشهارية خلال فترات الركود السياحي، بالإضافة إلى غياب الالتقائية في الاستراتيجيات والرؤى بين المكتب الوطني المغربي للسياحة والشركة المغربية للهندسة السياحية والخطوط الجوية الملكية المغربية. ولمعالجة هذا الوضع، اقترحت اللجنة البرلمانية إعادة النظر في القانون المنظم للمكتب الوطني المغربي للسياحة، بما يتيح ملاءمة صلاحياته مع متغيرات سوق السياحة والتنافسية الكبرى التي يعرفها، وتحيين تركيبة المجلس الإداري لضمان فعاليته، وتدعيمه بتمثيلية وازنة للمهنيين، ولجنة تنفيذية لتتبع ومواكبة تنزيل قراراته من قبل إدارة المؤسسة. كما دعا البرلمانيون إلى تنويع الأسواق السياحية المستهدفة والبحث عن آفاق واعدة لجلب السياح، على النحو الذي يحقق أهداف استراتيجيات القطاع، في أفق الرفع من حصة التمويل الدعائي والترويجي المخصص للمكتب لبلوغ المؤشر الدولي المتعارف عليه، وهو 3 في المائة من مداخيل السياحة.