فيما لا تنفك الجزائر تردّد أنها غير معنية بالنزاع القائم بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية، وأنها مع المبادرات الأممية لحل هذا النزاع، فضحت الجبهة الانفصالية النظام الجزائري بتأكيدها تلقي الدعم الكامل من طرف حكام "قصر المرادية" من أجل تحقيق مشروع الانفصال، معتبرة أن هذا الموقف يندرج ضمن "المواقف المبدئية" للنظام الجزائري. جبهة البوليساريو حرصت، في البيان الذي أصدرته عقب انعقاد الدورة الثامنة لأمانتها الوطنية، على تقديم "تحية حارة" للجزائر، وخاصة رئيسها عبد العزيز بوتفليقة، وشكرتْها على "دعمها ومساندتها الدائمة وغير المشروطة لكفاح الشعب الصحراوي من أجل الحرية والاستقلال، انسجاماً مع مبادئ ثورة الأول من نونبر المجيدة ومقتضيات الشرعية الدولية". وباعترافها الصريح بتلقيها الدعم الجزائري الكامل ومساندته غير المشروطة "من أجل الحرية والاستقلال"، تفضح جبهة البوليساريو الانفصالية الموقف الحقيقي لنظام الجزائر من النزاع في الصحراء، الذي يتخذه مطيّة تارة لتصفية حساباته السياسية مع المغرب، وتارة أخرى لإلهاء الشعب الجزائري عن مشاكله الداخلية. وكان الملك محمد السادس قد اتهم الجزائر باحتضان ومساندة وتقديم الدعم للبوليساريو، في رسالة وجهها في شهر أبريل الماضي إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بعد التوتّر الذي سادَ لأسابيع المنطقة المحيطة بالجدار الأمني العازل، إثر إقدام ميليشيات جبهة البوليساريو على إجراء تحركات عسكرية بعين المكان، معتبرا أن سلوك الجزائر فيه مس بسيادة المغرب. دعم ومساندة النظام الجزائري لجبهة البوليساريو كشف خيوطه أيضا التقرير الاستراتيجي المغربي الذي أصدره المركز المغربي للدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، شهر أبريل الماضي، وأكّد فيه أنّ السلطات الجزائرية تدعم الجبهة الانفصالية إلى أن يتحقق مسعى الانفصال، على أن تقوم باحتوائها لاحقا، لتتمكن الجزائر من ضمان بوابة على المحيط الأطلسي. من جهة ثانية، حاولت جبهة البوليساريو امتصاص الصدمة التي تلقتها من الاتحاد الإفريقي في قمته المنعقدة الشهر الماضي بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، بعد أن تمكّن المغرب من تقليص دور مجلس السلم والأمن الإفريقي في النزاع حول الصحراء، قائلة إنها "تجدد الاستعداد الكامل لإجراء مفاوضات مباشرة، بحسن نية وبدون شروط مسبقة"، مع المغرب.