نجح باحثون مغاربة من المركز الجهوي للبحث الزراعي بمدينة مكناس في اكتشاف أصناف جديدة من القمح الصُلب ملائمة للمناطق الجبلية، وتتميز بمردودية عالية ومقاومة للأمراض، ويمكن استعمالها من طرف الفلاحين في المناطق الجبلية في الأطلس المتوسط. وجرى تنظيم يوم دراسي ميداني وتعريفي بهذه الأصناف في الضيعة التجريبية "العناصر" بإقليم صفرو، من طرف المركز، بتعاون مع المديرية الجهوية للاستشارة الفلاحية لفاس-مكناس، لإطلاع الفلاحين عليها في أفق استعمالها مستقبلاً لرفع محاصيلهم الزراعية. وتأتي هذه الابتكارات في إطار بحوث قام بها مختصون في المركز الجهوي للبحث الزراعي بمكناس، في إطار برنامج تحسين القمح الصلب الذي يشرف عليه المعهد الوطني للبحث الزراعي، إلى جانب أطر في التنمية والاستشارة الفلاحية، من أجل مواكبة البرامج الجهوية لمخطط "المغرب الأخضر". وزار وفد من الباحثين المغاربة الحقل التجريبي، خلال الأسبوع الجاري، رفقة عدد من الفلاحين، وكان فرصة لهم للاطلاع على معطيات تقنية قدمها الدكتور موحى فراحي، الباحث المختص في التحسين الوراثي للقمح، والذي أشرف على برنامج البحوث الذي أثمر هذه الابتكارات الجديدة. وحسب المعلومات التي استقتها جريدة هسبريس الإلكترونية من الباحثين الذين أشرفوا على هذا الابتكار، فإن هذه الأصناف الثلاثة، وتحمل أسماء: INRA05DW028 وINRA05DW033 وINRA05DW030، تتميز بإنتاجية عالية وطول متوسط للساق، وتم تهجينها انطلاقاً من مادة نباتية مستوردة. وفي ما يخص تقييم الجودة التكنولوجية، فإن وزن 1000 حبة والوزن الهيكتوليتري ومؤشر الأصفر بينت نتائج جيدة؛ أما مستويات البروتينات فهي على التوالي 12 في المائة و12.5 في المائة و13.5 في المائة. كما أن هذه الأصناف من القمح الصلب صالحة لإنتاج "السميد". وتقاوم هذه الأصناف الجديدة من القمح الصلب أمراضاً عدة يعاني منها المزارعون في المناطق الجبلية بالأطلس المتوسط، وأبرزها ذبابة هس، كما أنها مقاومة للصدأ البني والهيمانتوسبوريا والحساسية للسبتوريا. وجرت التجارب، منذ عشر سنوات، بخصوص هذه الأصناف الجديدة بضيعة "العناصر"، التي تأسست سنة 1936 في المجال الجبلي للأطلس المتوسط بعمالة صفرو، والتي تقع على علو يصل إلى 1350 مترا، وبمساحة إجمالية تبلغ 40 هكتاراً. وقال الدكتور موحى فراحي، الباحث المختص في التحسين الوراثي، إن برنامج التحسين الوراثي المعتمد على التهجين والانتقاء انطلق قبل سنوات لمواجهة إشكالية ضُعف مردودية القمح وضعف مقاومتها في هذه المناطق الجبلية بالأطلس المتوسط، وأضاف، في تصريح لهسبريس، أن هذا البرنامج استمر لحوالي عشر سنوات من العمل والبحث، وتكلل باكتشاف هذه الأصناف الجديدة من القمح التي تتيح مردودية مهمة تصل إلى 50 قنطاراً في الهكتار الواحد، مقابل 30 قنطاراً في الأصناف العادية المستعملة حالياً. وأوضح الدكتور فراحي، الباحث بالمركز الجهوي للبحث الزراعي بمكناس، أن هذه الأصناف توجد في طور التسجيل في السجل الرسمي لأصناف البذور التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري، وفي غضون السنتين المقبلتين ستكون متاحةً للمزارعين بعد تكثير كمية البذور. وأشرف على ابتكار هذه الأصناف الجديدة فريق مكون من خمسة باحثين من المعهد الوطني للبحث الزراعي بمدينة مكناس. وحسب الدكتور فراحي فإن تطوير صنف واحد يحتاج معدل عشر سنوات من العمل من التهجين الأولي ثم الانتقاء وتجريب المردودية والملاءمة في المناطق الجبلية.