بعد مضي حوالي عام على انطلاق احتجاجات عارمة في مدينة جرادة أفضت إلى موجة من الاعتقالات عقب مصرع أخوين داخل آبار الفحم الحجري، يشرع البرلمان المغربي رسمياً في التحقيق في الأسباب الرئيسية التي أدت إلى إغلاق شركة مفاحم المغرب وتشريد آلاف العمال وإقصاء المدينة من الحلول البديلة. في هذا الصدد، انتخب مجلس المستشارين البرلمانية في الغرفة الثانية منسقة المجموعة الكونفدرالية الديمقراطية لشغل، ثوريا لحرش، رئيسة للجنة تقصي الحقائق حول تصفية شركة استغلال مناجم جرادة. كما تم انتخاب عبد الصمد مريمي، المستشار عن حزب العدالة والتنمية، مقررا للجنة التي تم تشكيلها لتقصي الحقائق حول "مآل الاتفاقية الاجتماعية الموقعة بتاريخ 17 فبراير 1998 بين وزارة الطاقة والمعادن وشركة مفاحم المغرب والمركزيات النقابية، والبرنامج الاقتصادي المصاحب لها"، طبقا للمادة 6 من القانون التنظيمي المتعلق بتسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق. وكان مجلس المستشارين أعلن عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول أحداث جرادة عقب الاحتجاجات التي شهدها الإقليم، إثر تسجيل حالات وفيات متكررة في آبار الموت "الساندريات". وتهدف اللجنة إلى معرفة الأسباب الحقيقية لغلق شركة مفاحم المغرب، والكشف عن أسباب عدم تنفيذ الاتفاقية بين الحكومة وممثلي العمال، وهو الأمر الذي فتح المجال أمام "بارونات" المنطقة لنهب خيرات وثروات جرادة دون حسيب أو رقيب. وقالت ثوريا لحرش، رئيسة لجنة تقصي الحقائق، في تصريح لهسبريس، إن اللجنة البرلمانية لديها برنامج عمل لترصد ما تحقق وما لم يتحقق من الوعود الحكومية التي أعطيت للساكنة بعد إغلاق شركة الفحم منذ سنوات. وأضافت المستشارة البرلمانية أن "أشغال اللجنة تبقى سرية طبقاً للنظام الداخلي لمجلس المستشارين، وجميع أعضائها لديهم رغبة لإنجاز تقرير يستجيب إلى تطلعات الساكنة والرأي العام الوطني". وحول ما واجهته اللجنة من عراقيل أخرت تشكيلها لأزيد من ثلاثة أشهر، نفت لحرش وجود تدخل من أي جهة لمنع خروج اللجنة الاستطلاعية إلى الوجود، وقالت: "الجميع عبر عن رغبته في كشف حيثيات أحداث جرادة باستثناء فريق واحد عارض الأمر". وتُشكَّل لجنة تقصي الحقائق وفق المادة 77 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، التي تنص على أنه "يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس المستشارين لجان برلمانية لتقصي الحقائق، ويناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، وتطلع المجلس على نتائج أعمالها". ووفق المادة 79 من النظام الداخلي، فإن "لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها، وتنتهي مهمتها بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس، وعند الاقتضاء، بإحالته على القضاء من قبل رئيس مجلس المستشارين". وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها.