يعود موضوع تعدد الزوجات ليُحرج وزراء ومسؤولين في الدولة، بعدما راج أن وزيرا في حكومة سعد الدين العثماني طلب الإذن من زوجته الأولى قصد الموافقة له للزواج من امرأة ثانية. ويتعلق الأمر، وفقاً لمصادر إعلامية متطابقة، بوزير ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الائتلاف الحكومي، عبّر عن رغبته في الزواج من شابة ممرضة أعجب بها عندما كانت تقدم له خدمات استشفائية داخل بيته، بعد وعكة صحية أصيب بها سابقا؛ لكن رغبته في التعدد، التي يُتيحها له الشرع الإسلامي بشروط، اصطدمت برفض زوجته وأبنائه لطلبه. وشكل الموضوع مادة سخرية دسمة لعدد من نشطاء "الفايسبوك" بالمغرب، والذين لم يترددوا في الربط بين تعدد تعويضات الوزراء وبين تعدد الزوجات، وأكدوا أن "المسؤولين في الدولة والأحزاب يجب أن يكونوا متشبعين بقيم وكونية حقوق الإنسان، التي ترفض تعدد الزوجات". وكانت قضية تعدد الزوجات لدى الوزراء الإسلاميين قد أثارت حرجاً كبيرا لعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، عندما انكشفت خيوط علاقة غرامية بين الوزيرين السابقين الحبيب الشوباني وسمية بنخلدون، بعد أن فقدا منصبيهما في الحكومة الأولى لبنكيران، عقب الضجة التي أثارها زواجهما بمباركة من الزوجة الأولى للشوباني. وسبق للأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية أن أكد أن موضوع الزواج بين الشوباني وبنخلدون "أحرج الحزب كثيراً". وحاولت جريدة هسبريس الاتصال بالوزير المعني بالزواج أكثر من مرة لتوضيح وجهة نظره؛ لكن هاتفه ظل يرن دون مجيب. وفي المغرب، بات موضوع تعدد الزوجات يشكل إحراجاً كبيراً لدى كثير من المسؤولين، بعدما حاولت مدونة الأسرة تقنين الظاهرة عبر إحاطتها بمجموعة من الشروط يصعب تحققها في حالات عدة، ناهيك عن مطالبة عدد من التنظيمات الحقوقية الدولية "بحظر تعدد الزوجات، عن طريق التوفيق بين قانون مدونة الأسرة والقانون الدولي، وبتنقيح المدونة لتمنع التعدد وزواج الأطفال وإلغاء الأحكام التمييزية المتعلقة بالحضانة والزواج والإرث والجنسية ونقل الجنسية، واعتماد تشريعات للقضاء على العنف الممارس على المرأة". إدريس الكنبوري، الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية، يرى أن موضوع تعدد الزوجات موضوع شائك في المجتمع، والإسلاميون يشعرون بالحرج؛ لأن التعدد مرفوض اجتماعيا والدفاع عنه صعب جدا، بسبب غياب الثقافة التي تستوعبه. ويُضيف الكنبوري، في تصريح لهسبرس، أن المشكل الأكبر لدى الإسلاميين المرتبط بتعدد الزوجات يتمثل في أن الأوساط الاجتماعية والعائلية التي يعيشون فيها ترفض عدد الزوجات، بمن فيها زوجاتهم وأبناؤهم، معتبراً ذلك "فشلا للإسلاميين في التبشير بقناعاتهم حتى في وسطهم العائلي فكيف يفلحون في إقناع المجتمع؟". وتابع الباحث المغربي أن "كثيرا من الإسلاميين دافعوا عن التعدد، انطلاقا من التفسيرات القرآنية والتجارب التاريخية للمسلمين؛ ولكنهم فشلوا في تحويل ذلك إلى ثقافة في بيئتهم، عكس السلفيين الذين لا توجد لديهم مشكلة في ذلك". وتُشير إحصائيات صادرة عن وزارة العدل، بمناسبة عشر سنوات من تطبيق مدونة الأسرة، الصادرة سنة 2014، إلى أن "رسوم الزواج المتعلقة بالتعدد تعرف نوعا من الاستقرار منذ سنة 2004". كما تسجل الإحصائيات أيضا ارتفاعا في نسبة رفض طلبات الإذن بالتعدد، إذ إن عدد طلبات الإذن بالتعدد المقدمة خلال عام 2013 وصل إلى 5811 طلبا، تم قبول 1822 طلبا منها في مقابل رفض 2105 طلبات.