نحن نعلم أن ثلة من الدعاة الإسلاميين المعتقلين يقضون ما يقارب عقدين في سجون المغرب، بعد أن خوَّفت النظامَ منهم جهاتٌ محلية معادية لهم معروفة، فلفقت لهم التهم وانتحلت لاعتقالهم المبررات. كما نعلم أن جهات أجنبية أخرى أمْلَتْ طرقا شيطانية للتخلص منهم، إن لم تكن قد فرضت على النظام أيضا مقررات سياسية واقتصادية واجتماعية ومناهج تربوية وتعليمية من أجل تفتيت النسيج الاجتماعي المغربي، واستنبات مذاهب وأقليات دينية وعرقية ولغوية تكون مفاتيح للتغيير في مجتمعنا الموحد، فظهرت بذلك الأقليات الدينية التي تتمتع بكل الحرية والدعم الرسمي والخارجى في الحركة والتحرك والنشاط الدعوي لما هي عليه، بما فيها الطوائف العرقية والبهائية والأحمدية والملحدة والشاذة وعبدة الشيطان... وظن بعض المغيَّبين عن عقولهم أن هذا التعدد والتسيب سبب لاستقرار النظام، ولتكريس ولاء المواطنين له، ولضمان الدعم الأجنبي. كما نعلم أن الحزب (الإسلامي الحاكم) أو ما يدعى (حزب العدالة والتنمية) في فترتي حكمه الحالي والسابق، يَعُد استنكارَ حرية التسيب والفاحشة والفساد سلوكا أو معتقدا أو ممارسة في المجتمع، أو داخلَ تنظيمه السياسي نفسِه، خطرا على موقعه في السلطة وعلاقته بالنظام أو بهذه الطوائف المستنبتة، كما هو حال مواقف بعض التنظيمات الأخرى المحسوبة على المرجعية الإسلامية شكلا أو مضمونا، وهو ما جعل المعتقلين في سجون المغرب مكشوفي الظهر مجردين من أي نصير أو مدافع أمام جبروت استبداد السلطة. لذلك نتوجه باسم حركتنا الإسلامية إلى القائمين بأمر الدولة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ) (وهو حديث صحيح)، والإسْجَاحُ لغة هو حُسن العَفْو، ومنه الْمثل السائر فِي العفْو عِنْد الْقُدْرَة: (ملكْتَ فأسْجِحْ)، كما يُرْوى عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا قالته لِلإمام علِيّ رَضِي الله عَنه يَوْم الْجَمَل حِين انتصر على البغاة الخارجين عليه، فدَنَا من هَوْدَجِها ثمَّ كَلَّمها بِكَلَام، فأجابتْه: (ملكْتَ فأسجِح) أيْ ظفِرْت فأحْسِن، فجهَّزها عِنْد ذَلِك بأحْسن الْجِهازِ وأعادها إِلَى الْمَدِينَة معززة مكرمة. مع العلم بأن القياس في هذه النازلة متعذر، وأن هؤلاء الإسلاميين المقبورين في سجون المغرب منذ حوالي عقدين لم يحملوا قط سلاحا ضد النظام ولم يسعوا إلى إسقاطه، على رغم ما لفقته لهم الأجهزة وأصحاب المصالح في الداخل والخارج.