قبل 24 عاما ، نجحت بطولة كأس العالم 1994 لكرة القدم في تغيير شكل الخريطة الرياضية بالولاياتالمتحدةالأمريكية بفضل تأهل المنتخب الأمريكي إلى الدور الثاني للبطولة. والآن ، وبعد انتصارين متتاليين للمنتخب الروسي في النسخة الحالية من المونديال والتي تستضيفها بلاده، أصبح الحماس تجاه كرة القدم والثقة في الفريق على النقيض تماما مما كان قبل بداية البطولة. وتأهل المنتخب الروسي منطقيا إلى الدور الثاني في البطولة بانتظار الحسم النهائي خلال مباراة اليوم بين منتخبي السعودية وأوروغواي أو من خلال المباراة الثالثة في المجموعة أمام منتخب أوروغواي نفسه. واستهل المنتخب الروسي مسيرته في البطولة بفوز كبير على نظيره السعودي 5 لصفر في المباراة الافتتاحية للبطولة ثم أتبعه بفوز ثمين على المنتخب المصري 3 ل1 مساء أمس الثلاثاء. ومع الانتصارين اللذين حققهما الفريق في المونديال حتى الآن، استعاد الدب الروسي ثقة جماهيره التي ترشحه حاليا للذهاب في البطولة لأبعد من الدور الثاني. وأثار نجاح الدب الروسي في المباراتين فورة حماس هائلة في الشارع الروسي على عكس ما كان عليه الحال قبل البطولة. وحتى قبل المباراة الصعبة مع نظيره المصري أمس، لم تكن الجماهير الروسية تثق بشكل حقيقي في قدرة فريقها على المنافسة على إحدى بطاقتي المجموعة إلى الدور الثاني ولكن الفريق استعاد ثقة جماهيره لتبدأ الأجواء الحقيقية للمونديال بمجرد صفارة نهاية المباراة أمس. وأقيمت المباراة أمس في مدينة سان بطرسبرغ العاصمة القديمة لروسيا خلال فترة حكم القياصرة ولكن أجواء الاحتفالات امتدت من سان بطرسبرغ إلى جميع المدن الروسية بعدما أدركت الجماهير أن فريقها قادر على تحقيق الحلم. ومنذ تفكك الاتحاد السوفييتي في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، شارك المنتخب الروسي في ثلاث نسخ فقط باسم روسيا قبل النسخة الحالية وكانت هذه النسخ الثلاثة في 1994 و2002 و2014 لكنه فشل فيها جميعا في اجتياز الدور الأول للمونديال. وحتى في آخر نسخة شارك فيها باسم المنتخب السوفييتي وذلك في 1990 بإيطاليا، فشل الفريق في اجتياز دور المجموعات مما يضيف أهمية بالغة إلى عبور الفريق لدور المجموعات في النسخة الحالية. وفي 1994، استضافت الولاياتالمتحدة المونديال للمرة الأولى في تاريخها وسط حالة من القلق حول العالم بشأن النجاح الجماهيري للبطولة نظرا لأن كرة القدم لم تكن اللعبة ذات الشعبية الأولى في الولاياتالمتحدة، حيث كانت تأتي خلف رياضات أخرى مثل كرة السلة وكرة القدم الأمريكية والبيسبول. ولكن المونديال الأمريكي رد بقوة على هذه المخاوف من خلال حضور جماهيري هائل ونجاح على العديد من المستويات. والأكثر من هذا، نجح المونديال عام 1994 في تغيير خريطة الرياضة بالولاياتالمتحدة حيث أصبح لكرة القدم مكانة قوية وازداد الاهتمام بها على مستوى الأندية والمواطنين وازداد حجم التشجيع لهذه الرياضة بشكل هائل علما بأن المنتخب الأمريكي تأهل وقتها كأحد أفضل الفرق التي احتلت المركز الثالث في دور المجموعات، حيث حصد أربع نقاط فقط من مبارياته الثلاث في المجموعة. والحقيقة أن روسيا لا تفتقر لشعبية كرة القدم لكنها كانت تفتقد بالفعل للحماس تجاه المنتخب الروسي وللثقة في قدرته، وهو ما تغير في غضون ستة أيام بعد الفوز 5 لصفر على السعودية يوم الخميس الماضي ثم على المنتخب المصري أمس الثلاثاء. وقبل بداية البطولة، كانت النسبة الأكبر من المشجعين الروس ترى أن الفريق يصعب عليه اجتياز هذه المجموعة وبلوغ الدور الثاني وأنه إذا حدث هذا ستكون مفاجأة وسيكون بأقل عدد ممكن من النقاط والأهداف. ولكن الدب الروسي خالف هذه التوقعات وحصد ست نقاط من ست نقاط ممكنة في أول مباراتين، وسجل لاعبوه ثمانية أهداف ليبرهن الفريق على قدرته على المنافسة لاسيما بعدما اكتسب الثقة بنفسه وثقة جماهيره. والآن، تمني الجماهير الروسية نفسها بالفوز على منتخب أوروغواي في المباراة الثالثة وتصدر المجموعة والحفاظ على العلامة الكاملة بثلاثة انتصارات متتالية. كما لم يعد طموح الجماهير أو لاعبي الفريق هو المنافسة بشكل مشرف على إحدى بطاقتي المجموعة لبلوغ الدور الثاني وإنما تغير الطموح الآن إلى الوصول لأبعد ما يمكن في هذه النسخة من المونديال. ويحلم المشجعون الروس حاليا بأن يكرر منتخبهم تجربة نظيره الكوري الذي عبر إلى المربع الذهبي في المونديال عام 2002 عندما استضافت بلاده البطولة بالتنظيم المشترك مع جارتها اليابان. ويضاعف من آمال الجماهير أن المنتخب الكوري أيضا التقى في 2002 مع منتخب أوروبي كبير في دور الستة عشر وهو المنتخب الإيطالي (الآزوري) فيما سيصطدم المنتخب الروسي في دور الستة عشر بالمونديال الحالي مع أي من المنتخبين الإسباني والبرتغالي إلا في حال حدوث مفاجآت. *د.ب.أ