رغم كل الحملات التحسيسية التي انخرطت فيها فعاليات مجتمعية ومنظمات وجمعيات معنية بالدفاع عن حقوق المرأة لتحسين صورة المرأة في الإعلام المغربي، لازالت الإنتاجات التلفزيونية المبثوثة على القنوات التلفزيونية العمومية تحمل إساءة إلى المرأة المغربية. المرصد الوطني لصورة المرأة في وسائل الإعلام، وهو هيئة تضمّ ممثلين عن القطاعات الحكومية، وممثلي جمعيات المجتمع المدني وممثلي مراكز الدراسات والبحث بالجامعات، كشفَ أنّ الإنتاجات التي بُثت على القنوات العمومية في رمضان المنصرم "حملت بين طيّاتها إساءة إلى المرأة المغربية". وتتمثل مظاهر الإساءة إلى المرأة المغربية في معظم الإنتاجات الرمضانية التي بثتها القنوات التلفزيونية المغربية خلال شهر رمضان في تكريسها للصور النمطية السائدة في المجتمع، من قبيل إبراز جوانبِ تقبُّل المرأة للعنف والإذلال والإهانة، مقابل فكرة الزواج. ورغم التغيير الإيجابي الذي تعيشه المرأة المغربية، وتقدمها في عدد من المجالات، ولعبها أدوارا رائدة ومتميزة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فإنّ معدّي الإنتاجات التلفزية الرمضانية، حسب المرصد الوطني لصورة المرأة في وسائل الإعلام، لم يتلقطوا هذه المؤشرات. وانتقد المرصد الذي أحدثته وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية سنة 2014، وتم تنصيب أعضائه شهر يونيو 2015، اعتماد الإنتاجات الرمضانية "لغة الشارع التي تتضمن منسوبا عاليا من العنف وتكرِّس الصور النمطية السلبية بخصوص المرأة المغربية". ما ورد في تقرير المرصد الوطني لصورة المرأة في وسائل الإعلام صبَّ في اتجاه الانتقادات اللاذعة التي وجّهها الجمهور المغربي إلى الإنتاجات الرمضانية، وخاصة في ما يتعلق ب"التركيز على اعوجاج الجسد أو الفم أو الصراخ"، معتبرا أنّ هذا يُظهر محدودية كفاءات النساء في الكوميديا. أمينة الخرشاف، رئيسة المرصد الوطني لصورة المرأة في الإعلام، قالت في تصريح لهسبريس إنَّ المغرب قطع أشواطا مهمة في مجال النهوض بحقوق المرأة، وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل، "لكنّ الإعلام العمومي لا يساير هذا التغيير، ومازال يكرّس الصورة النمطية القديمة حول المرأة". وانتقدت الخرشاف استمرار القنوات التلفزيونية العمومية في حصْر المرأة في عوالم الموضة، والطبخ، داعية المسؤولين عن هذه القنوات إلى تفعيل مقتضيات دفاتر التحملات، التي تخوّلهم حقّ مراقبة الإنتاجات التلفزية قبْل بثها أمام الجمهور. واعتبر المرصد الوطني لصورة المرأة في الإعلام أنَّ الأعمال الرمضانية لا تمتثل للمقتضيات القانونية المؤطرة للمشهد السمعي البصري، والتي تنص على النهوض بثقافة المساواة بين الجنسين ومحاربة التمييز بسبب الجنس، معبّرا عن "استيائه من مستوى الأعمال الرمضانية التي حصرت أدوار المرأة في قوالب نمطية سلبية تتناقض والمنحى العام الذي تسير عليه البلاد في مسيرة المساواة والكرامة لكلا الجنسين". ودعا المرصد اللجان الساهرة على انتقاء المشاريع، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ولجنة المناصفة واليقظة بكل من القناة الثانية والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والقطاعات الحكومية المعنية، "إلى اتخاذ ما يلزم للحد من هذه التجاوزات والحرص على عدم تكرارها مستقبلا، انسجاما مع تطلعات جميع مكونات الشعب المغربي في ترسيخ قيم المساواة وعدم التمييز التي أسس لها الدستور".