من جنوب إفريقيا، اختار زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، توجيه دعوة مباشرة إلى المغرب من أجل استئناف مسار المفاوضات، بُغية التوصل إلى حلٍّ نهائي للنزاع؛ وذلك طبقاً لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير 2414. ورغم أن المغرب يرفض مطلقاً الدخول في مسلسل تفاوضي مباشر مع التنظيم الانفصالي، فإن زعيم الانفصاليين أصرّ على الرمي بالكرة في مرمى الحكومة المغربية، معبراً عن استعداده الكامل للدخول في مفاوضات مباشرة ودون شروط مسبقة. وفي خطوةٍ تهدف إلى لفت أنظار المنتظم الدولي، وجَّهت جبهة "البوليساريو" نداءً إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي؛ من أجل تنظيم مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع وفي أسرع وقت ممكن، طبقا لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير 2414، داعية المغرب إلى "الانخراط في مسار مشترك بين كل مكونات المنطقة دون تهميش أو إقصاء"، بتعبيرها. وفي كلمة له عقب اللقاء الذي جمعه برئيس جنوب إفريقيا، لم يتردد زعيم الجبهة في الترويج لمغالطات وأكاذيب واضحة، مشيرا إلى أنه "أبلغ نظيره الجنوب الإفريقي مطالبه بتطبيق قرار القمة الثلاثين للاتحاد الإفريقي رقم 677، المتناغم مع قرار مجلس الأمن الدولي 2414، من أجل الشروع الفوري في مفاوضات مباشرة ودون شروط مسبقة بين الجمهورية الصحراوية الوهمية والمملكة المغربية". وتأتي تحركات الانفصاليين بإعلانهم الانخراط في مسلسل المفاوضات المباشرة قبيل انعقاد القمة الإفريقية المرتقبة الشهر القادم بموريتانيا، والتي يعول عليها النظام الجزائري كورقة ضغط سيستعملها من أجل فرض سياسة الأمر الواقع على المغرب، ولتجييش الدول الإفريقية من أجل اتخاذ موقف معاكس للمصالح الخارجية المغربية. وفي السياق قال محمد الزهراوي، الأستاذ الباحث في العلوم السياسية، إن "إعلان الجبهة الوهمية استعدادها لاستئناف مسار المُفاوضات المباشرة مع المغرب من جنوب إفريقيا له دلالات كثيرة، أولها أنها تحاولُ تسويق خطاب المظلومية بأنها مستعدة للتفاوض بشكلٍ سلمي من أجل التَّوصل إلى حلِّ سياسي يُنْهِي النزاع؛ كما أنها تحاول إظهار المغرب كبلد متعنت لا يحترم قرارات الأممالمتحدة"، مبرزاً أن "القيادة الانفصالية تَسعى إلى إِحْرَاجَ المغرب على المستوى الإقليمي والدولي". وكشف الأستاذ الجامعي أن "تحركات مكثفة تقوم بها الجزائر قبل انعقاد القمة الإفريقية المرتقبة الشهر القادم بموريتانيا، إذ قام زعيم "البوليساريو" بعدة جولات في بعض الدول الإفريقية المناصرة لأطروحة الانفصال"، وزاد: "زيارة زعيم الانفصاليين إلى جنوب إفريقيا تأتي في إطار حشد الدعم وتجييش الأنصار قبل هذه القمة". ولم يتردَّد المُحلل السياسي في ربط مناورات "البوليساريو" الأخيرة ببعض التحركات التي تقودها الجارة الشرقية من وراء الكواليس، وقال إن "النظام الجزائري في إستراتيجيته الجديدة يُحاول أن يُحقق ثلاثة أهداف من هذا التحرك الجديد: الأول جعل قمة نواكشوط محطة أساسية للضغط على المغرب للعودة إلى طاولة التفاوض مع "البوليساريو"". الهدف الثاني، حسب الزهراوي، "يتعلَّق بكون الجزائر تحاول اختراق المجموعة الاقتصادية للجنوب الإفريقي لاستباق انضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "اكواس"، بُغيةَ إحداث نوع من التوازن الجيو استراتيجي مع المملكة"، مورداً ضمن السياق نفسه أن الجزائر "تدرك أن الانضمام المغربي وإن كان مؤطراً بخلفيات اقتصادية فمن المؤكد أن له تبعات سياسية تخدم مصالح المغرب، لذلك عملت في المرحلة الأولى على تأخير وإفشال الانضمام من خلال تحريك لوبيات نيجيرية، وفي مرحلة ثانية محاولة اختراق المجموعة الاقتصادية للجنوب الإفريقي لأحداث نوع من التوازن". وختم الأستاذ الباحث تصريحه بالقول إن "الجزائر ستحاول في قادم الأيام تجييش الدول الإفريقية من أجل دفعها إلى اتخاذ مواقف مساندة للطرح الانفصالي، إذ ستوجه بوصلتها نحو القمم الإفريقية لمهاجمة المغرب ومحاولة عزله عن باقي الأطراف المؤثرة داخل القارة"، مورداً أن "إفريقيا ستتحول إلى ساحة نزاع، إذ سيكون هناك استقطاب حاد للمحورين الجزائري والمغربي".