أثارت قضية اختطاف الطفلة "غزل"، البالغة من العمر أربع سنوات، التي جرى العثور عيها بعد أزيد من عشرة أيام على اختفائها، الفزع وسط الأسر المغربية، مما دفع عددا من الفاعلين إلى توجيه نداءات إلى الآباء والأمهات قصد توخي الحيطة والحذر وتشديد المراقبة على "فلذات الأكباد". وتقاسم عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب منشور "ما تقيش ولادي"، مصحوبا بصور لأربعة أطفال، ضمنهم صورة الطفلة "غزل" التي عادت سالمة إلى حضن والديها، وناشدوا مصالح الأمن الوطني في ربوع المملكة ووزارة الداخلية التحقيق في حوادث الاختفاء المستمرة، وما إن كانت تقف وراءها عصابات منظمة "بعدما باتت الظاهرة تزرع الرعب والهلع في نفوس الأسر داخل البيوت والشوارع وأمام المدارس". وقبل أيام، رصدت كاميرا تابعة لمحل تجاري في مدينة القنيطرة محاولة اختطاف فاشلة لطفلة، وأظهر المقطع شابا يُمسك بطفلة في ربيعها الثاني أمام محل بقالة في واضحة النهار، ويهمّ بمغادرة المكان، قبل أن تظهر والدة الطفلة في آخر لحظة، لتتم محاصرته من طرف سكان حي "الخبازات". وفتحت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة القنيطرة بحثا مع المشتبه فيه، البالغ من العمر 31 سنة، للكشف عن جميع الظروف والملابسات المحيطة بهذه القضية. كما تناقلت مصادر محلية أن المدينة شهدت الشهر الماضي ثلاث حالات اختفاء لأطفال من عائلات مختلفة في ظروف وُصفت ب"الغامضة"، في أقل من أسبوع. نجية أديب، رئيسة جمعية "ما تقيش ولادي"، دقت ناقوس الخطر حول حوادث اختطاف الأطفال بالمملكة، وقالت إن "الظاهرة كانت موجودة منذ القدم، لكن اليوم بفضل الإعلام يتم تسليط الضوء على المختفين". وكشف الناشطة في مجال الطفولة، في تصريح لهسبريس، أن جمعيتها رصدت حالات اختطاف أطفال نواحي أكادير وتارودانت، يتم استغلالهم في رعاية الإبل بالمناطق الصحراوية الخالية، وأضافت: "وقفنا على حالة طفل صغير من هذا النوع فر هارباً من هذه العصابات، بعدما تم تهديده بتقطيع جزء من رجله في حالة محاولة فراره، حتى يكون عبرة لكل من حاول الفرار"، بتعبيرها. وتابعت أديب قائلة: "أطفال كثر، خصوصا في هذه المناطق، خرجوا ولم يعودوا إلى بيوتهم. يعبثون بهم ويتم استغلالهم على جميع المستويات، وحتى في تجارة الأعضاء البشرية، ليصبحوا بمثابة سلعة لمن يدفع أكثر". بدوره، قال عبد العالي الرامي، رئيس منتدى الطفولة المغربي، في تصريح لهسبريس، إن "هناك أسبابا متعددة لحالات اختطاف الأطفال، من ضمنها بحث عصابات عن الأطفال الزهريين، بالإضافة إلى شبكات تقوم بسرقة الأطفال بغرض استغلالهم في التسول". وأوضح الناشط الجمعوي أن تكرار هذه الحوادث، بين الفينة والأخرى، يدق ناقوس الخطر، داعياً الآباء والأمهات إلى تحمل مسؤوليتهم في مراقبة أطفالهم، و"ليس تركهم لساعات قرب باب المنزل أو في الشارع العام يلعبون دون أدنى مراقبة". وأورد الرامي أن هناك حالات أخرى لاختطاف الأطفال تتعلق بالابتزاز، لكنها غير منتشرة بالمغرب، داعياً إلى "عدم تهويل ظاهرة اختفاء الأطفال، لأنها حالات معدودة على رؤوس الأصابع". وكانت ولاية أمن الدارالبيضاء قد كشفت، بخصوص الطفلة "غزل"، أنه جرى تحديد مكان تواجد الفتاة المختفية بعدما توصلت عائلتها، في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء، بمكالمة هاتفية من زوجين يقطنان بمدينة الدارالبيضاء، زعما فيها بأنهما عثرا على الفتاة بالقرب من مكان اختفائها واصطحباها صوب منزلهما، لكن دون أن يخبرا بذلك مصالح الشرطة. وقد جرى الاحتفاظ بالزوجين تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لتحديد ظروف وأسباب الاحتفاظ بالفتاة لعدة أيام دون إشعار مصالح الشرطة، وكذا الكشف عن ملابسات اصطحابها من مكان اختفائها في ظروف مشكوك فيها.