تتجه الحكومة المغربية إلى ضبط مجال الطب عن بُعد، الذي يتيح عرض العلاجات والخدمات الصحية عن طريق استخدام التكنولوجيات الإلكترونية للاتصالات بغرض التشخيص أو العلاج أو متابعة المرضى. ويندرج مرسوم الطب عن بعد، الذي ستدرسه حكومة سعد الدين العثماني هذا الأسبوع، ضمن النصوص التنظيمية المتعلقة بتطبيق أحكام المادة 99 من القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب. ويُمكن للأطباء المزاولين في المصالح العمومية للصحة، والأطباء المزاولين في القطاع الخاص، وكذا المؤسسات الصحية العمومية والخاصة، أن يلجؤوا إلى هذا النوع من الخدمات في إطار مقنن من طرف وزارة الصحة. وقالت وزارة الصحة، التي أعدت هذا المرسوم الجديد، إن الطب عن بُعد من شأنه أنه يساهم في تأمين التكوين المستمر للمهنيين الطبيين من خلال نقل وبث المؤتمرات والندوات التي تعقد في المراكز الدولية. وينص المرسوم على ضرورة الموافقة المسبقة لوزير الصحة على هذا الأمر، بعد استطلاع رأي المجلس الوطني للهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء ولجنة تحمل اسم "لجنة الطب عن بعد"، قبل مزاولة أي عمل من أعمال الطب عن بُعد. وتضم "لجنة الطب عن بعد" ممثلاً عن وزارة الصحة، وممثلاً عن اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وممثلاً عن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني. والراغب في ممارسة هذه الأعمال عليه تقديم ملف لوزارة الصحة يتضمن عدداً من الوثائق؛ أهمها بطاقة توضح التقنيات المزمع استعمالها في إنجاز الأعمال المذكورة، وقائمة المتدخلين في إنجاز أعمال الطب عن بعد، ليتسلم الموافقة داخل أجل 30 يوماً. وتُسلم الرخصة بمزاولة أعمال الطب بناءً على تقرير مفصل عن زيارة المطابقة ستعده لجنة تقنية يعين وزير الصحة أعضاءها، وسيكون دورها التحقق من موثوقية الآليات والتقنيات المستعلمة في نشاط الطب عن بعد. كما يتحدث النص القانوني على ضرورة الحصول على الموافقة الحرة والمستنيرة للمريض موضوع أعمال الطب عن بُعد؛ وذلك في احترام تام للمقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي. وتتضمن أعمال الطب عن بعد الاستشارة الطبية للمرضى، وطلب الخبرة لفائدة مهنيي الطب، والمراقبة الطبية التي تتيح التتبع الطبي لمريض ما، والمساعدة الطبية، والإجابة الطبية عن بعد. كما يقصد بالطب عن بُعد، وفق القانون المغربي، وضع تشخيص أو طلب رأي متخصص أو التحضير لقرار علاجي أو إنجاز خدمات أو أعمال علاجية أو تتبع حالات المرضى، أو التأطير والتكوين السريري لمهني الصحة. وتعتمد مجموعة من الدول هذا النوع من التطبيب، ويطلق عليه "Télémédecine". وحققت دول عدة، منها كندا وسويسرا والنرويج، تقدماً هاماً في هذا المجال، وباتت مستشفياتها ومصحاتها تقدم خدمات طبية عن بُعد. ويتيح التطبيب عن بُعد فرصاً جديداً من أجل تحسين الوصول إلى الرعاية والخدمات الصحة، خصوصاً في حالات الطوارئ، كما يمكن بفضله إجراء التشخيصات بسرعة أكبر، وبالتالي ربح الوقت وخفض التكاليف.