تزوج الأمير البريطاني هاري الممثلة الأمريكية ميجان ماركل، السبت، في حفل مبهر مزج بين التقاليد الإنجليزية الراسخة وبين الثقافة الأمريكية الأفريقية، ليغمر العائلة المالكة البريطانية، التي يعود تاريخها إلى أكثر من ألف عام، بأجواء من الحداثة. وجرت مراسيم الزفاف في كنيسة سان جورج بقلعة وندسور، التي عاش فيها 39 ملكا وملكة لبريطانيا منذ عام 1066، وحضرها أفراد من العائلة المالكة، وشخصيات من المشاهير، وتابعها الملايين في العالم عبر شاشات التلفزيون. وارتدت ميجان فستانا أبيض، ووضعت تاجا من الألماس على رأسها. ورافقها ولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، إلى المذبح، حيث تبادلت معه كلمات الزواج أمام جاستن ويلبي، كبير أساقفة كانتربري، ليعلنهما زوجا وزوجة. وبعد قبلة على درج كنيسة سان جورج توجه هاري وميجان إلى عربة تجرها الخيول، وتعود إلى القرن التاسع عشر، وجابا شوارع وندسور، حيث هلل عشرات الآلاف من المهنئين الذين اصطفوا لرؤية العريسين. ولم تشهد العائلة المالكة في بريطانيا زواجا بهذا الشكل من قبل، فالأمير هاري (33 عاما) هو السادس في ولاية العرش، وعروسه ميجان تبلغ من العمر 36 عاما، أي تكبره بثلاثة أعوام، وهي مطلقة، ووالدتها أمريكية من أصل أفريقي، ووالدها أبيض. وقالت بريطانية سوداء، تدعى إيفون إيمانويل (40 عاما)، "نستطيع كسر الحواجز.. يمكن تحقيق ذلك". وكانت إيمانويل ضمن الحشد الذي تجمع في شوارع وندسور لرؤية العريسين، والذي بلغ نحو 100 ألف شخص. وكانت مراسيم الزواج مماثلة لحفلات الزفاف الملكية في الكثير من الأوجه، فقد أشرف عليها كاهن وندسور، في حين أعلن جاستن ويلبي، كبير أساقفة كانتربري، الأمير وعروسه زوجا وزوجة. وسيصبح العريسين دوق ودوقة ساسكس، لينضما بذلك إلى كبار أفراد العائلة المالكة البريطانية. ولكن المراسيم تخللها الكثير من كسر التقاليد، خاصة عندما ألقى القس الأمريكي الأسود، مايكل بروس كاري، خطبة مفعمة بالمشاعر في تناقض كبير مع الكلمات الرصينة للكنيسة الأنجليكانية. وقال القس الأمريكي "للحب قوة" أمام الملكة إليزابيث وكبار أفراد العائلة المالكة ومشاهير، من بينهم الإعلامية الأمريكية أوبرا وينفري، والنجم الأمريكي جورج كلوني، ولاعب كرة القدم الشهير السابق ديفيد بيكام. وأضاف القس في كلمته "لا تقللوا من شأن الحب. كل من وقعوا في الحب يعرفون ماذا أقصد". كما اقتبس كلمات للزعيم الحقوقي الأمريكي الأسود مارتن لوثر كينج. وحضر مراسيم الزفاف، أيضا، الممثل البريطاني جيمس كوردون، ولاعبة التنس سيرينا وليامز، وأشقاء الأميرة الراحلة ديانا والدة هاري، والمغني إلتون جون، الذي غنى في جنازة ديانا عام 1997، والممثل البريطاني إدريس إلبا، وحبيبتان سابقتان للأمير هاري. وبدا هاري متوترا وقال لتشارلز "شكرا يا أبي" ولميجان "تبدين مذهلة". وانهمرت الدموع من عيني داريا راجلاند (61 عاما) والدة ميجان، ورددت جوقة الكنسية أغنية "ستاند باي مي"، التي غناها مغني "السول" الأمريكي الراحل بن إي. كينج في ستينيات القرن الماضي. وإلى جانب التقاليد، اتسم الحفل بمظاهر عصرية وفقا لمعايير الملكية البريطانية. إذ لم تتعهد ميجان (36 عاما) بطاعة زوجها، كما أن هاري، الذي يصغرها بثلاثة أعوام، سيضع خاتم زواج بخلاف غيره من كبار رجال العائلة المالكة. رمز أم لا جدوى منه؟ وبالنسبة إلى بعض البريطانيين، يمثل زواج أحد كبار أفراد العائلة المالكة من مطلقة أمها أمريكية من أصل أفريقي ووالدها أبيض تجسيدا لبريطانيا عصرية لا يعتبر العرق أو الخلفية عائقا فيها حتى بالنسبة إلى أكبر المؤسسات التقليدية. فيما يرى آخرون أنه لا جدوى من الزفاف أو أنه يصرف الانتباه عن الانقسام الذي يثيره خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم البريطانيين لن يهتموا بمشاهدة الحفل. لكن في وندسور، التي تقع على بعد 20 كيلومترا غرب لندن، اصطف عشرات الآلاف في مسار يؤدي إلى القلعة، ولوحوا بالأعلام البريطانية. وأغلق موظفو المراقبة الجوية في مطار هيثرو القريب، أحد أكثر مطارات العالم ازدحاما، المجال الجوي فوق قلعة وندسور لمدة 15 دقيقة قبل بدء مراسيم الزفاف. وفي ظل سماء صافية وجو مشمس عزفت فرقة عسكرية للترفيه عن المهنئين الذين احتشدوا وراء الحواجز. ونظمت الشرطة دوريات في الشوارع، وراقبت المشهد من فوق الأسطح. وقال كيني مكينلاي (60 عاما)، الذي جاء خصيصا من إسكتلندا إلى وندسور "هذه لحظة يمكننا جميعا أن نحتفي فيها بإحياء العائلة المالكة. إنها لحظة تتوحد فيها الأمة كلها بدلا من أن تنقسم. إنه يوم يمكنك أن تشعر فيه بالفخر لكونك بريطانيا". حب في خيمة والتقى العريسان للمرة الأولى في موعد رتبه صديق مشترك عام 2016، وتطورت علاقتهما العاطفية عندما التقيا في خيمة بدولة بوتسوانا، وعقد قرانهما في قلعة عاش فيها 39 ملكا بريطانيا منذ عام 1066. وفي ظل تدابير أمن مشددة عبر عشرات الآلاف من الزوار نقاط تفتيش أقامتها الشرطة حول القصر. وتغيب عن الحفل توماس ماركل (73 عاما) والد ميجان، وقال لموقع "تي.إم.زي" لأخبار المشاهير إنه خضع لجراحة في القلب يوم الأربعاء. وبعد أن شاهد مراسيم الزواج من كاليفورنيا، قال ماركل للموقع إنه كان حدثا "مفعما بالمشاعر والبهجة". وقال: "تبدو صغيرتي جميلة، وتبدو سعيدة جدا. أتمنى لو كنت هناك، وأتمنى لهما كل الحب وكل السعادة". وأشرف على تبادل عهود الزواج كاهن وندسور مع ويلبي كبير أساقفة كانتربري والزعيم الروحي للكنيسة الأنجليكانية. وألقت الليدي جين فيلوز، شقيقة ديانا، كلمة خلال المراسيم. وسيقوم هاري وميجان بأولى مهامهما الرسمية كزوج وزوجة هذا الأسبوع. *رويترز