شهد المدخل الشمالي لمدينة خريبكة، على مستوى الطريق الوطنية رقم 11، استنفار مختلف الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية، من أجل منع عشرات الباعة الجائلين من مغادرة المدينة عبر سياراتهم في اتجاه مدينة الرباط، بهدف إيصال احتجاجهم إلى المصالح المركزية لوزارة الداخلية بالعاصمة. وشكّلت عناصر القوات العمومية سدّا منيعا أمام طريق الباعة الجائلين، وحالت دون تمكن الغاضبين من تجاوز المجال الحضري لمدينة خريبكة، قبل أن ينتقل أحد المسؤولين بعمالة الإقليم، مرفوقا بباشا المدينة ورئيس ملحقة إدارية وعدد من المسؤولين الأمنيين، من أجل فتح حوار مع "الفرّاشة". وعن تداعيات الاحتجاج، أوضح مصطفى علاوي، رئيس جمعية الوحدة للإشراف وتسيير السوق النموذجي البشرى بخريبكة، أن "الباعة الجائلين انتظروا بفارغ الصبر انتهاء مشروع إنجاز سوق نموذجي يغنيهم عن مواصلة احتلال الشوارع الرئيسية وسط المدينة، غير أنه مع بلوغ المشروع مراحله الأخيرة ظهرت مشاكل على مستوى لوائح المستفيدين". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "جمعيات الباعة الجائلين وضعت لدى السلطات المعنية لوائح بأسماء الذين يزاولون أنشطتهم التجارية في الشارع العام، وبعد أن شارف المشروع على الانتهاء، تبيّن أن خروقات طالت تلك اللوائح؛ ما دفع رؤساء جمعيات الباعة الجائلين إلى إعداد لوائح جديدة، لكن السلطة المحلية رفضتها، بحجة أنها ستتكلف بإحصاء الباعة وضبط أعدادهم وأسمائهم". وعن حلّ المشاكل على المستوى المحلي، أكّد علاوي أن "السلطات الإقليمية رفضت الكشف عن اللوائح النهائية للمستفيدين، بحجة أن الإجراء يبقى من صلاحيات السلطات ولا دخل للجمعيات فيه، على الأقل في الوقت الراهن، ونظرا لإغلاق باب الحوار على المستوى الإقليمي، قرّر الباعة الجائلون نقل ملفهم إلى مدينة الرباط، من أجل مطالبة المصالح المركزية بضرورة التدخل وإيجاد حلّ سريع لمشاكل السوق النموذجي". وأكّد مصطفى علاوي أن "الحوار الذي أجراه المحتجون مع بعض المسؤولين في الشارع العام لم يسفر عن أي نتائج تُذكر، ونظرا لمنعهم من مغادرة المدينة في اتجاه العاصمة، عمل الغاضبون على نقل الاحتجاج إلى مقر عمالة الإقليم، وتنظيم وقفة أمام بابها الرئيسي، مردّدين شعارات عديدة للمطالبة بتسريع عملية توزيع الأماكن، وتفادي كل أشكال المراوغة والتماطل والتلاعب بالملف"، وفق تعبيره. في المقابل، أقرّ مصدر من السلطة المحلية بأن "لوائح المستفيدين التي كانت تتوفر عليها السلطة المحلية، قبل سنوات، طالتها مجموعة من الخروقات؛ ما دفع السلطات الإقليمية والمحلية إلى عقد اجتماعات عديدة مع الباعة الجائلين من أجل تحيين اللوائح وضبط المعايير التي سيتم اعتمادها للاستفادة من أماكن داخل السوق النموذجي". وأضاف المصدر ذاته أن "الباعة الجائلين صاروا يفرضون آراءهم بشكل غير مقبول، ويطالبون بالاعتماد الحصري للوائح جديدة أدلوا بها للسلطات المحلية، بالرغم من اشتمالها على أسماء زوجات وأمهات وأخوات بعض الباعة الجائلين، وهي المسألة التي قوبلت بالرفض من طرف السلطات المحلية؛ ما أثار غضب المعنيين بالموضوع". وقال المتحدث ذاته، رافضا كشف هويته بسبب عدم تخويله صلاحية التواصل مع الصحافة، "لو كانت السلطة المحلية تقبل الخروقات لأبقت على اللوائح القديمة، وكذلك الشأن بالنسبة للوائح التي يرغب الباعة الجائلون في اعتمادها مؤخرا، والتي تحتوي على أسماء لا علاقة لها بتجارة الرصيف"، مضيفا في الوقت ذاته أن "أبواب مكاتب رؤساء الملحقات الإدارية وباشا المدينة ورئيس الدائرة مفتوحة في وجه الباعة الجائلين بشكل دائم". من جانبه، أوضح رئيس قسم الشؤون الداخلية بعمالة إقليمخريبكة أن "للباعة الجائلين بعض التخوفات حول لوائح المستفيدين، خشية أن يطالها التغيير أو المحاباة، ويريدون ضمانات حول عملية توزيع الأماكن بالسوق النموذجي الجديد"، مؤكّدا أن "السلطة المحلة حريصة على اعتماد الشفافية في الإجراءات المتّبعة، على أن يكون شرط الاستحقاق هو المبدأ الأول والأخير للاستفادة، إضافة إلى أن العملية ستتمّ بحضور موثّق محلّف، تفاديا لكل الشبهات أو الخروقات". أما عبد الصمد الدامي، رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة خريبكة، وبعد نفي علمه بموضوع الاحتجاج والمنع من الانتقال إلى الرباط، أشار إلى أن "تحديد لوائح المستفيدين يبقى من اختصاص السلطة المحلية، وقف مقاربة تشاركية مع الباعة الجائلين"، مضيفا بصفته مسؤولا عن تدبير ملف السوق النموذجي أن "المشروع الجديد شارف على الانتهاء، وستعمل المصالح المختصة على إعلان اللوائح النهائية بشفافية ووضوح". وأكّد المسؤول ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس، أن اللوائح التي توجد حاليا في طور التحيين ستُنشر بحضور "وكيل محلّف"، وسيتم توزيع الأماكن داخل السوق وفق معايير محدّدة ومضبوطة ومتفق عليها، على رأسها الأقدمية في ممارسة التجارة بالشارع العام، "وإذا تبيّن احتواء اللوائح النهائية على خروقات أو اختلالات يمكن حينها للمعنيين تقديم طعون حول العملية". وأضاف عبد الصمد الدامي أن "الاسم الذي يحمله المشروع هو 21 غشت، في حين يتداول الباعة الجائلون اسم البشرى لأسباب مجهولة"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "المشروع الجديد نموذجي على الصعيد الوطني، وقد شاركت جمعيات الباعة الجائلين في مختلف مراحله الكبرى، خاصة وأنهم قدّموا للسلطات صورا وتصاميم حظيت بموافقة الجهات المختصة، حتى يكون المستفيدون راضين عن الشكل النهائي للسوق النموذجي".