تُعدّ مدينة تيزنيت، الواقعة على بعد حوالي 100 كيلومتر عن مدينة أكادير، قِبْلة لآلاف السياح الباحثين عن الهدوء والسكينة وأشعة الشمس الذهبية وعن جمال الطبيعة، لكنّ واقع المدينة يُفصح عن حاجتها إلى عناية من طرف مسؤوليها، لتكون أليَق بسُمعتها السياحية العالمية. يبدو مَدخل مدينة تيزنيت أنيقا، لكن باطنها يختزن كثيرا من المشاهد المعبّرة عن الإهمال، وخاصة وسط المدينة القديمة، التي يَفد عليها السياح ليعيشوا حياة البَساطة جنبا إلى جنب مع سكان المدينة. وما يثير انتباه زائر المدينة القديمة لتيزنيت، هو قلة النظافة. قارعة طوار مدخل "باب الخميس"، الذي يدخل ويخرج منه السياح، سواء راكبين على متْن سياراتهم أو سائرين على أرجلهم، مكسوّة بالأزبال والأحجار والأتربة، أما السور الذي يخترقه الباب فقد تحوّلت أركانه إلى فضاء يقضي فيه العابرون والمشردون حاجاتهم الطبيعية. في أحد جدران "باب الخميس"، توجد كُوّة كبيرة تحوّلت إلى مطرح أزبال عفن، يبدو من مظهرها أنَّ الناس دئبوا على رمي الأزبال فيها منذ مدّة، دون أن تمتد إليها مكانسُ عمّال النظافة، مخلّفة أسرابا من الذباب تحوم حول المكان، وروائح نتنة تزكّم أنوف العابرين. وبالرغم من أنّ المكان يشكّل مَعبرا للسياح، فإنّ الإهمال الذي يطاله لا يقف عند حدود غياب النظافة، بل إنَّ حوالي ثلثي الباب أضحى مُغلقا في وجه المارة، بعد أن اهتدى صاحب سيارة قديمة إلى اتخاذه مرآبا لسيارته بالليل والنهار، غير آبه بكونه يحتل مِلْكا عاما. احتلال المِلْك العام في مدينة تيزنيت يُعتبر شيئا "جاري به العمل"؛ ذلك أنَّ أجزاء مهمة من أرصفة المدينة القديمة مُحتلة بالكامل، سواء من طرف أصحاب المتاجر والمطاعم، أو من طرف الباعة المتجولين. احتلال المِلْك العام هنا لا يستثْني حتى أبواب المساجد. في نواحي مدينة تيزنيت، توجد عدد من المناطق السياحية الخلابة، مثل شاطئ أكلو، الواقع على بُعد حوالي خمسة عشر كيلومترا من المدينة، الذي حصل خلال السنة الماضية على اللواء الأزرق للشواطئ المغربية، للمرة الخامسة على التوالي، نظرا لجودة مياهه. وبالرغم من جودة مياه الشاطئ وجماله، فإنّه يفتقر إلى البنية التحتية في أبسط شروطها. لكي تُوصل سيارتك إلى موقف السيارات جوار الشاطئ، يجب عليك أن "تراوغ" وأنت تعبر المقطع الطرقي المؤدي إلى الموقف حفرا عميقة لا تُعدّ ولا تحصى. وأنت تتجول بكورنيش شاطئ أكلو بالليل، تخال نفسك كأنك تسير في مكان مُوحش، بسبب ضُعف الإنارة، حيث انطفأ نور كثير من المصابيح المصطفة فوق الأعمدة على طول الكورنيش، فيما "طارَتْ" مصابيح أخرى من مكانها مخلفة وراءها فراعا وظلاما دامسا.