اختارت مؤسسة "روح فاس" ومركز "جنوب شمال للدراسات والحوار بين الثقافات" تكريم الأديب المغربي الطاهر بنجلون في النسخة ال14 لمهرجان فاس للثقافة الأمازيغية، التي انطلقت فعالياتها، اليوم الجمعة، والتي ستستمر ثلاثة أيام. حفل تكريم الطاهر بن جلون، الذي احتضنه، مساء أمس الجمعة، أحد فنادق مدينة فاس تميز بحضور وازن لشخصيات أكاديمية وثقافية من المغرب والخارج، حيث ألقى عدد منها شهادات في حق المحتفى به، أبرزت، من خلالها، ما قدمته هذه الشخصية المغربية في مجال الأدب الفرنكفوني، مشيدة بتعلقها ببلدها المغرب. وتحدث محمد القباج، الرئيس الشرفي لمؤسسة "روح فاس"، عن المحتفى به، واصفا إياه بأنه أشهر كاتب مغربي فرنكفوني في فرنسا والعالم، مشيرا إلى أنه "رغم ما حققه الطاهر بن جلون من نجاحات باهرة على الصعيد الدولي، فقد ظل وفيا لمغربيته وبلده، ومدافعا عن الجالية المغربية في العالم وفرنسا". "لقد ناضل الطاهر بن جلون من أجل السلام والصداقة في العالم، كما ناضل ضد التمييز العنصري، وهذا ما مكنه من إحراز جائزة الأممالمتحدة للسلام سنة 2007"، يقول القباج في حق المحتفى به، مؤكدا أنه "بفضل حركيته، ساهم في تصحيح صورة الإسلام التي استهدفت عبر العالم". وأبرز القباج أنه رغم المكانة التي وصل إليها الطاهر بن جلون، ظل دائما وفيا لتعدديته الثقافية، "وهذا ما يفسر اختيار مهرجان فاس للثقافة الأمازيغية الطاهر بنجلون كأول شخصية لا تتكلم الأمازيغية لتكريمها من طرف المهرجان"، يوضح القباج. من جانبه، عبر موحا الناجي، رئيس مركز "شمال جنوب للدراسات والحوار بين الثقافات" ومدير مهرجان فاس للثقافة الأمازيغية، عن سروره بتكريم الطاهر بن جلون، الذي وصفه بالكاتب المبدع والكبير، منوها، في كلمته في حق المحتفى به، ب"المجهودات الجبارة التي يقوم بها من أجل التنمية الثقافية والاجتماعية، ومن أجل تقوية وترسيخ ثقافة الديموقراطية، وتقوية دور المجتمع المدني، والمساواة بين الرجال والنساء". وأضاف "إنه لشرف عظيم لمهرجان فاس للثقافة الأمازيغية تكريم صاحب "الليلة المقدسة" في هذه الدورة، وفي الواقع مدينة فاس بأكملها تحتفل به". "الطاهر بن جلون هو أشهر كاتب مغربي في العالم، وقد حاز شهرة كبيرة منذ حصوله على جائزة الغونكور سنة 1997، وقد أثارت كتابته الجريئة جدلا ملحوظا. لقد درس في جامعات العالم، ويظل في العديد من المجالات مرجعا في الأدب الفرنكفوني"، يقول موحا الناجي. وأبرز أن أعمال الطاهر بن جلون ومجالات اهتمامه تشمل الحكاية والأسطورة والتقاليد المغاربية وأساطير الأسلاف، "ومع ذلك فإن أصالته تكمن في قدرته على فهم جميع جوانب التقاليد والثقافة المغاربية في تكافل فريد للغاية"، يضيف موحا الناجي. ووصف الطاهر بن جلون، في تصريح أدلى به لهسبريس، تكريمه بمهرجان فاس للثقافة الأمازيغية بالمؤثر، بسبب الشخصيات المهمة التي قدمت شهادات في حقه، مضيفا: "تكلموا في حقي بأشياء جميلة، ولكن، في الوقت نفسه، يمكنني أن أقول إنني لم أقدم عملا خارقا للعادة، أنا أقوم بعملي، دائما أشتغل، ولا شيء يأتي عبثا". الطاهر بن جلون، الذي تحدث عن الديموقراطية والسياسة والقراءة، في كلمته خلال حفل تكريمه، أوضح لهسبريس أنه عاش في بيئة متواضعة جدا، مبرزا أنه أكد على أهمية القراءة أمام المحتفين به نظرا لكونها تبقى الوسيلة الناجعة لإبعاد الإنسان من خطر الجهل. وأضاف "إذا لم نقرأ الكتاب سنذهب إلى كارثة في المستقبل.. ثقافة اليوم، مع الأسف، هي ثقافة عابرة.. نحن ما زلنا نتكلم عن طه حسين والمنفلوطي ودرويش وفيكتور هوغو والمتنبي، يجب أن نعود إليهم، وأن نطالع كتب الشعراء والكتاب بأي لغة كانت، فقط يجب أن يتعاطى الإنسان للقراءة حتى ينجح في حياته". الطاهر بن جلون، الذي دعا الأطفال والشباب إلى المواظبة على القراءة لتجنب الجهل، قال، خلال كلمته في حفل الاحتفاء به، إن الديموقراطية تشكل ثقافة وتمرينا يوميا تبدأ من البيت، مبديا أسفه العميق لما وصفه بعزوف الشباب المغربي عن السياسة، التي قال إن البعض اتخذها مطية لخدمة مصالحه الخاصة.