لا يجادل مغربي أو مغربية في كون قضية سيادة المغرب على صحرائه هي قضية إجماع وطني يقتضي من جميع الفاعلين، دولة وأحزابا ومجتمعا مدنيا، المواجهة المبدئية والعملية لأي مخطط يستهدف وحدة البلاد الترابية كيفما كان مصدره وأدواته. في هذا الإطار يندرج إعلان وزارة الخارجية المغربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران بسبب "أدلة دامغة" (حسب بيان الوزارة) على تورط هذه الأخيرة في الدعم العسكري للبوليساريو عبر حليفها حزب الله اللبناني. وإذا كان نص بلاغ وزارة الخارجية قد ابتعد في لغته وصياغته عن أي انفعال مشحون بالعداء لإيران وحليفها، وعن الخطاب الشائع دوليا وإقليميا ضدها، والذي يصورها كزعيمة "لمحور الشر"، و"داعمة للإرهاب العالمي"، فإن بعض محللي القنوات المعروفين بتخصصهم "في كل شيء"، بصفتهم "خبراء" ورؤساء مراكز للدراسات الأمنية والإستراتيجية..الخ، قد كلفوا أنفسهم بذلك فاستعملوا كل ما في القاموس الأمريكي الصهيوني الرجعي من ألفاظ التحريض وأحكام الشيطنة لإيران وحزب الله!!. لا شك أن لإيران مشاكل متعددة مع جيرانها في الخليج، ومع بلادنا، خاصة بعد سقوط نظام الشاه سنة 1979، كما أنها اليوم هي مركز الاستهداف الأمريكي الصهيوني بفعل التقدم الذي حققته في المجال النووي وما أصبحت تمثله من عمق إستراتيجي لمواجهة الكيان الصهيوني المحتل، ومختلف المخططات الهادفة إلى تصفية أي شكل من أشكال مقاومته. ومن هنا أهمية التمييز بين تلك المشاكل وإمكانية حلها في المستقبل بالحوار، وبين المخطط الأمريكي الصهيوني الرجعي الذي يقرع طبول الحرب لتصفية محور المقاومة بالمنطقة، خاصة حزب الله الذي لم يخجل أولئك المحللون من وصفه ب"المنظمة الإرهابية"، متجاهلين ما يفتخر به كل مواطن من الماء إلى الماء بما حققه من تحرير للجنوب سنة 2000 وتكبيده الكيان الصهيوني أكبر هزيمة عسكرية في تاريخه سنة 2006، وحمايته للبنان من التمدد الداعشي الإرهابي، التكفيري، ومساهمته في صنع الانتصار التاريخي لسوريا على الإرهاب العالمي ومخططات التقسيم، وها هو يحظى مع حلفائه اللبنانيين بأكبر شرعية انتخابية باعتباره طرفا ورقما في ما يسميه اللبنانيون "المعادلة الذهبية": الشعب _الجيش_ المقاومة. فهل صوت اللبنانيون على "منظمة إرهابية" حسب منطقكم بل عماء بصيرتكم يا "خبراء قنواتنا ومحلليها"؟. إن مصلحة بلادنا هي في النأي بالنفس عن التوجهات الأمريكية الصهيونية انتصارا للعقلانية السياسية ولقيم الحوار والتعايش والسلم، ودرءا لفتنة جديد ة في منطقتنا لن تكون نتائجها في نهاية التحليل إلا كارثية على الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وعلى دولنا وشعوبنا، وحفاظا على الموقع المستقل والإيجابي الذي طالما ميز السلوك السياسي والدبلوماسي المغربي تجاه القضايا العربية والإسلامية.