تباينت التحليلات الإسرائيلية حول طبيعة الرد الإيراني على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق الدولي النووي مع إيران، وفرض أقصى درجات العقوبات عليها، والذي تزامن مع شن إسرائيل-كما ذكرت عدة مصادر من بينها روسيا-عمليات قصف استهدفت مواقع عسكرية إيرانية في سوريا. ووقع آخر الهجمات التي استهدفت مواقع عسكرية في سوريا، بعد إعلان إسرائيل عن تحركات عسكرية في سوريا، لكن لم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عنه، واتهمتها سوريا بذلك. وذكرت صحيفتا "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت" الإسرائيليتيْن اليوم، أن الهدف من عملية القصف كان تدمير صواريخ موجهة إلى إسرائيل، لكن الصحيفتيْن لم تذكرا مصدر المعلومة هذه، ونسبتاها إلى تقارير إخبارية لم تحددها. وعن إمكانية رد إيران على سلسلة الهجمات التي تعرضت لها قواتها وقوعدها العسكرية في سوريا، كتب يؤاف ليمور في تحليل بصحيفة "يسرائيل هيوم"، أن انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي مع إيران وانتهاء الانتخابات البرلمانية في لبنان فتح الباب على مصراعيه للمواجهة، وقد تلجأ إيران للميليشيا التابعة لها في سوريا للقيام بهذا الرد، وذلك لتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. وأضاف ليمور إن الغارة الليلة الماضية قد تكون "ضربة إسرائيلية وقائية لإحباط المخططات الإيرانية، لكن الوضع على طرفي المواجهة هو مثل اللعب بالنار". وأضاف: " الكرة الآن في ملعب إيران، فأي هجوم من طرفها سيعيدها الى مربع الاتهام بأنها مصدر الشر في المنطقة، وسيبرر أي رد إسرائيلي، وسيعطي مصداقية لانسحاب ترامب من الاتفاق النووي معها". بالمقابل، يرى د. يهودا بلونغا المختص في دراسات الشرق الأوسط وتحديدا سوريا ومصر، إن روسياوسورياوإيران ليست معنية بمثل هذه المواجهة. ويفترض بلونغا المحاضر في جامعة بار إيلان كما نقلته عنه صحيفة "يسرائيل هيوم" أنه "لن تقع مواجهة شاملة في المنطقة، لعدة أسباب، من أبرزها أن روسيا غير معنية بإيران أصلا، فمثلا لم ترد موسكو على أي من الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا، لكن الكرملين غضب عندما استهدفت إسرائيل أهدافا تابعة للنظام السوري، وانتقدت موسكو إسرائيل بشدة وبشكل علني. كما يرى الخبير الإسرائيلي أن حزب الله وإيران نفسيهما ليسا معنيين بالمواجهة مع إسرائيل، فبعد الإنجاز الذي حققه حزب الله في الانتخابات البرلمانية اللبنانية قبل أيام، سيعمل الحزب على تعزيز مكاسبه السياسية في بلده، وقد يخسر هذه المكاسب إذا أدخل لبنان في خضم مواجهة عسكرية بالنيابة عن إيران. ويقدر بلونغا أن إيران قد تلجأ إلى رد محسوب جدا ضد إسرائيل، بناء على تجربة حزب الله بعد اغتيال إسرائيل القيادي في الحزب جهاد مغنية في يناير/كانون الثاني 2015، فقد رد حزب الله على قتل مغنية باستهداف جنود إسرائيليين على الحدود اللبنانية فقتل جنديان في الهجوم، واكتفى الحزب بذلك الرد، ويبدو أن إيران ستفكر بالطريقة ذاتها. من ناحيته، يرى رونين بيرغمان في تحليل في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن إيران على المدى القصير ستجد نفسها في وضع صعب دوليًا، في ظل القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي، وستضطر للعمل بطرق دبلوماسية دفاعية، فهي -حسب بيرغمان- وعلى عكس ما يظن البعض حساسة تجاه الموقف الدولي منها، وهذا سيمنعها من إشعال حرب في الشرق الأوسط للانتقام لقتلى الهجمات التي تقول طهران إن إسرائيل نفذتها على قواعدها بسوريا. أما على المدى البعيد، فيرى بيرغمان، أن إيران ستخرج مستفيدة من الواقع الجديد الذي لن يكون لصالح إسرائيل. ويفسر بيرغمان ذلك بالقول إن انسحاب الولاياتالمتحدة سيجعلها لاعبًا هامشيًا أخرج نفسه بإرادته من كل لعبة سياسية ممكنة في الشرق الأوسط تجاه إيران. ويوم الثلاثاء، أعلن ترامب، انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق الذي عقدته الإدارة السابقة والدول الكبرى مع طهران، وتعهد بأن تفرض واشنطن "أعلى مستوى من العقوبات الإقتصادية على النظام الإيراني". وفي 2015، وقعت إيران، مع الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن (روسياوالولاياتالمتحدة وفرنسا والصين وبريطانيا) وألمانيا، اتفاقًا حول برنامجها النووي، قبل أن تعلن واشنطن الانسحاب منه. وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها. *وكالة أنباء الأناضول