نظمت الجمعية المغربية للدراسات الأيبيرية والأيبيرو أمريكية، برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين شق بالدارالبيضاء، يوما دراسيا تحت عنوان: "الإسبانية والبرتغالية في المغرب: الوضع الراهن والآفاق المستقبلية"، بهدف تسليط الضوء على واقع اللغتين الذي لم يعد يرقى إلى مستوى التطلعات المرغوبة، لا من حيث التدريس والتعليم، ولا من حيث الإنتاج الثقافي والعلمي. وقال أحمد بن رمضان، مدير الجمعية المغربية للدراسات الأيبيرية والأيبيرو أمريكية، إن هذا اللقاء الذي ينظم بتنسيق مع مختبر البحث حول المغرب والعالمين الأيبيري والأيبيرو أمريكي، "يهدف إلى طرح النقاش حول واقع اللغتين الإسبانية والبرتغالية في المغرب على مستويات عدة، كالتعليم والبحث العلمي والإبداع الأدبي والصحافة والترجمة"، مؤكدا في المنحى ذاته أن لغة ثربانتيس عرفت تراجعا ملحوظا. وأضاف بن رمضان، في معرض مداخلته، أن اللغة الإسبانية تشهد تراجعا مثيرا يتجلى، بالأساس، في تقلص عدد المسجلين في شعب الدراسات الإسبانية الموجودة في أهم الجامعات المغربية، بالإضافة إلى غيابها كلغة أجنبية ثانية في العديد من مؤسسات التعليم الثانوي، مبرزا أن "هذا الواقع يدفع أساتذة اللغة الإسبانية إلى ممارسة مهام وأنشطة أخرى غير التدريس داخل مؤسساتهم". من جهته، أوضح لحسن بلقاسم، مفتش مادة اللغة الإسبانية بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الدارالبيضاء-سطات، أنه في السنوات الماضية كان هناك اهتمام كبير باللسان القشتالي بفضل المجهودات الكبيرة التي يقوم بها أساتذة المادة ومستشارية التربية بسفارة إسبانيا بالرباط ومعاهد ثربانتيس بمختلف المدن المغربية، في إطار التعاون التربوي بين البلدين. وقال بلقاسم إن الأنشطة التي كانت تقوم بها المستشارية المذكورة "تندرج في إطار التعاون التربوي بين المغرب وإسبانيا من أجل تعزيز مكانة اللغة الإسبانية؛ الأمر الذي أعطى نتائج جد إيجابية على أرض الواقع"، مضيفا: "خلال الموسم الدراسي 2010-2011 بلغ عدد التلاميذ الذين يدرسون اللغة الإسبانية 80 ألفا، فضلا عن ازدهار الأنشطة الثقافية والتربوية في 446 مؤسسة تعليمية". وأقر المتحدث ذاته بالاهتمام غير القابل للجدل بالإنجليزية كلغة أجنبية ثانية من طرف التلاميذ في الصف الإعدادي منذ عام 2005، مؤكدا أنه "ابتداء من هذه السنة بالضبط أصبح واقع اللغة الإسبانية يتخذ منحا سلبيا رغم محاولات النهوض بها، خاصة في ظل المكانة المتميزة التي تحظى به لغة شكسبير على غرار باقي اللغات الأجنبية الثانية التي تدرس بالمستوين التأهيلي والإعدادي"، وفق تعبيره. وأوضح الباحث الأكاديمي أن الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التعليم "2015-2030" لم تحمل أشياء إيجابية بالنسبة للغة الإسبانية التي ستتحول إلى لغة اختيارية مدرجة في المرتبة الثالثة، بعدما كانت تعتبر لغة أجنية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، موضحا أن مستقبل تدريسها يبقى رهين عوامل عدة؛ أبرزها تغيير الصور النمطية اللصيقة بدولة إسبانيا في عقلية المغاربة. وقدم بلقاسم سلسلة توصيات تهم الجسم التربوي والإداري والآباء، عبر تجديد التعاون مع إسبانيا في المجال التعليمي والتنسيق مع مختلف المؤسسات المعنية بالقطاع، مؤكدا أن مستقبل الإسبانية يعتمد بشكل كبير على إعطاء تصور موضوعي من طرف الدولة المغربية بشأن واقع هذه اللغة، من خلال تنفيذ سياسة لغوية واضحة تستمد أسسها من الميدان وتضع نصب أعينها المصالح الحقيقية والمستقبلية للمغرب. وأشار الباحث ذاته في الأخير إلى أنه بالرغم من المجهودات التي تبذلها وزارة التربية الوطنية في سبيل نشر الوعي بأهمية اللغة والثقافة الإسبانيتين وآفاقها على المستوى الأكاديمي والمهني، إلا أن هناك انعدام الحافز لدى المتعلمين، مبرزا أن "غالبية التلاميذ في المستوى الإعدادي يفضلون اللغة الإنجليزية، كما أن الذين يختارون الإسبانية قد لا يستمرون في دراستها خلال المرحلة الثانوية لاعتبارات عدة". وفي سياق ذي صلة، قال سعيد الجديدي، الرئيس الوطني للاتحاد العالمي للكتاب الناطقين باللغة الإسبانية، إن تعيين سفراء يجيدون الحديث باللغة الإسبانية ببلدان أمريكا اللاتينية سيفيد كثيرا قضية الوحدة الترابية، مبرزا أن العلاقات الثنائية مع جمهورية الشيلي تغيرت كثيرا منذ تعيين السفيرة كنزة الغالي، وهي أستاذة سابقا للغة الإسبانية بجامعة محمد الخامس، ممثلة للبعثة الدبلوماسية المغربية بالعاصمة سنتياغو.