أن تكتب عن فنانة متميزة استطاعت الوصول الى النجومية بحلاوة صوتها وعذوبته وبخفة ظل وقدرة على الأداء العفوي الذي يجمع بين شقاوة الطفولة ومرح الشباب المتجدد، معناه أنك تكتب عن الجمال أبدع صوره. "" أن تكتب عن كل هذا، معناه أنك تكتب من دون أدنى ريب، عن فنانة لا يمكن أن تحمل سوى اسم واحد في أيامنا هذه، هو نانسي عجرم. أنت تكتب إذاً عن فنانة استطاعت أن تصبح رمزاً لجيل غنائي متميز بحيويته الفنية وبتعددية أبعاده. انطلقت نانسي عجرم في الثامنة من عمرها إلى الخشبة لتحقق رغبة دفينة في نفسها، وتؤمن متعة فنية للمشاهدين المستمعين. كانت تغني، وهي تستمتع، لكنها مع ذلك، كانت ترتجف في الداخل خوفاً ورهبة، لأنها كانت تريد أن تكون في المستوى المطلوب، وهو ما تحقق لها بالفعل. ساعدها أبوها نبيل عجرم، ووقف الى جانبها مقدماً لها كل ما يملك من ثقة وإيمان بها وبقدراتها الغنائية. كما حضها باستمرار على تطوير أدائها وصقل موهبتها، حتى استطاعت أن تلفت إليها الأنظار. وهو ما جعل هذا الأب سعيداً بها وبالإنجازات الغنائية الكبيرة التي حققتها، وهو يستحضر كل تلك اللحظات في البرنامج العربي التلفزيوني «ما لا تعرفونه عن...» الذي خصص لمسار نانسي حلقة عرضتها القناة التلفزيونية المغربية الثانية «دوزيم» بغية تعريف المشاهد المغربي بمجموعة من نجوم الغناء في العالم العربي. اتسمت الأغاني التي قدمتها نانسي عجرم في بداياتها بالبساطة والعذوبة، كما هو شأن أغانيها الحالية، لكن تلك الأغاني حتى واٍن مهدت لها طريق الشهرة، فإنها، كما تقول نانسي عجرم نفسها، لم تنل حظها من الذيوع والانتشار. وهو ما جعل نانسي تتابع مسارها الفني بإصرار قوي على النجاح تجاوز حدود المحلية اللبنانية. تقول إن أداءها المميز لأغنية «يا واد يا ثقيل» للفنانة المصرية الكبيرة الراحلة سعاد حسني أحدث نقلة نوعية في هذا المسار، فهي حرصت على تأدية هذه الأغنية الخفيفة الظل، بكل الحيوية التي غنتها بها سابقاً سندريلا السينما العربية، ما حقق لها نجاحاً ملحوظاً، وجعل نانسي عجرم تقف على عتبة النجومية. تلك النجومية التي ستجعل منها بلا أدنى مبالغة سندريلا جديدة في دنيا الغناء العربي. هكذا راح النجاح يجر إلى النجاح، ولكن حين غنت الفنانة الشابة «أخاصمك آه، أسيبك لا» تحول هذا النجاح الباهر إلى نجاح أسطوري منقطع النظير، وتحولت صاحبته إلى أيقونة فنية للجيل الجديد الذي أحبها بعمق وتجاوب مع أغانيها التي توالت واحدة تلو الأخرى، محققة النجاح الأسطوري ذاته. وقد بررت نانسي عجرم في البرنامج سر النجاح بالعمل المضني، وبالثقة بالنفس، وبالواقعية التي تجعل الفنان يسير على الأرض كي يظل ثابتاً، إذ «من السهل، في عالم اليوم، تحقيق النجاح، لكن من الصعب الاستمرار». وتميزت نانسي عجرم إضافة إلى خفة ظلها بقوة الأداء التمثيلي، والقدرة على تجسيد شخصيات الأغاني التي تقدمها، سواء في لحظات الفرح أو في لحظات الحزن، ما جعل من كليبات أغانيها أفلاماً سينمائية قصيرة، بكل ما تحمله كلمة فيلم سينمائي من بعد جمالي وآفاق تعبيرية. وهو ما أكدته المخرجة نادين لبكي التي قدمت لنانسي عجرم بعض أشهر هذه الكليبات الناجحة. في مجال حياة الفنانة نانسي عجرم الإنسانية قدم البرنامج سيرة حياتها بعيداً من الأضواء، بصحبة بعض صديقاتها. كما تم تقديمها وهي تطبخ بعض الحلويات، ثم وهي تركب السيارة بصحبة مدير أعمالها جيجي لامارا، ثم وهي معه في زيارة للولايات المتحدة. اتسمت نانسي عجرم طوال زمن البرنامج بهدوء وثقة بالنفس، لكنها كانت تسمح لنفسها، وهذا شيء إيجابي وجميل، بأن تتحدث بطريقة عفوية زاخرة بالنفس الطفولي الذي كان يشع من عينيها، خصوصاً وهي تستحضر علاقتها مع جدتها، وهي تدربها على الطريقة الصحيحة في الأداء الغنائي، ما منحها عمقاً مضاعفاً، يضاف إلى الإنجازات الكبيرة التي حققتها واستطاعت المحافظة عليها. لقد كشفت هذه الحلقة أن نانسي عجرم مثال للفنانة الموهوبة التي استطاعت أن تصقل موهبتها الفنية واصلة بها إلى قمة الفن الغنائي ذي الطابع الاستعراضي الجميل، وهو ما يؤهلها لو أرادت ذلك وقررته، أن تكون إضافة إلى كونها فنانة مطربة من طراز رفيع، نجمة سينمائية كبيرة، خصوصاً أنها تمتلك كل الطاقات الإبداعية التي تؤهلها لذلك وأكثر. وأغانيها الأخيرة التي خصصتها للأطفال مثال ناطق على ذلك. تبقى الاشارة إلى أن هذه الحلقة من برنامج «ما لا تعرفونه عن...» كانت ناجحة شكلاً ومضموناً.