"غير للا زينة و زادها نور الحمام" ! هذا المثل المغربي الأصيل يعد الترجمة الحرفية للمرحلة الحالية، حيث "ما كان غِيْر اجِْري عْلَي نَجِْري عليك" بين العيالات والشباب في مسابقة 90 ابْلاَصَة ُكوشِيتْ برلمانية ! و قبل الخوض في الموضوع الذي ليس الهدف منه تبخيس العنصرين النسوي أو الشبابي! و لكن التعليق على الخرجة التجميلية التسعينية نفسها، نسبة ل90 مقعد ككوطا أو رشوة مقنعة. لذا، فمن حقنا نحن دافعي الضرائب الممولين لهذا "السباق" الانتخابي، طرح أسئلة من قبيل: هل مشكل البرلمان هو مشكل غياب النساء و الشباب؟ أم أنه نتيجة شلل أطفال دستوري و سياسي؟ و إذا كان 90 مقعد أي ما يقارب ربع البرلمان منتخب بهذه الطريقة الكوتاتية، فماذا عن باقي الفئات الأخرى خاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة و فئات أخرى؟ طالما فتح الباب أمام أصحاب الظروف الخاصة، علما بأنهم يمثلون نسبة معتبرة من المجتمع؟ ثم إذا كان الخطاب المخزني المرمم بدستور يوليوز 2011 يركز على ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ فمن سيحاسب هؤلاء 90 برلماني كُوشِيتْ طالما هم غير مرتبطين بدوائر معينة؟ فكيف يُقبل أن يكون ربع البرلمان منفصلا تماما على المسألة الجغرافية! مما يعني أنه ضمن 90 ابْلاصة كُوشِيتْ قد يكون نصفهم من المحور الذهبي الرباط- الدار بيضاء و ما جاورها، أو باقي المحاور الرئيسية؟هذا ناهيك مسلسل مهازل من سيتربع على اللائحة حيث ستعمل القيادات الحزبية على اغتنام هذه الفرصة "لتَبْلِيصْ" أكبر عدد من شباب العائلة و عيالاتها باسم الكوتة، و نترك مسلسل مهازل العائلة لقادم الأيام حيث ستتفجر فضائح المقربين! ثم ألا يعد الحديث عن الجهوية المتقدمة شيء لا يتناسب مع برلمان ربعه لا علاقة له بالجهة لا من قريب و لا من بعيد؟ فهم محسبون على الدائرة الوطنية ما يعني أننا سنتحدث عن برلمان 4/3 برلمان ثابت و 4/1 بورتابل! هذا فضلا على زيادة تكاليف"الفَاكُويَات" الإضافية التي ستقل 90 ابْلاَصَة "كُوشِيتْ "إلى فَاكُويَات 305 مسافر درجة أولى !مما يعني أنها "ما حدها اتْقَاقِي و هي تُولَد في البيض! برلمانيات الكوتة أو برلمانية بدفعة لله! منذ إقرار نظام الكوتة النسائية في 2002 حتى يتمكن بدفعة لله من ولوج العمل السياسي و من أوسع أبوابه! لم نر شيئا و لا قيمة مضافة تذكر، غير الخطب الرنانة الإشهارية في المنتديات و المؤتمرات الرسمية المغربية الهاي كلاس على اعتبار أن المغرب بلد رائد في الديمقراطية الكوتاتية- نسبة للكوتة- لأنه قرر إضافة 30 مقعدا نسائيا بالتمام و الكمال في البرلمان! بل موضوع المشاركة أصبح محط مزايدة بين الدول العربية، فالسعودية ستسمح للمرأة بعد عمر طويل في 2015 من ولوج المجالس الاستشارية الصورية، من دون أن تستطيع المستشارة قيادة سيارة و لو بمحرك حمار!و الجزائر ستمرر قانون جديد بعد بضعة أيام ينص على جعل ثلث البرلمان مخصص للمرأة ؛و قبلها قام نظام مبارك خصص للمراة 64 مقعد ! و لو طال المقام بالقذافي لخصص للمرأة حصة 100% من برلمان ليبيا عائلة القذافي! و عليه، فمنذ 2002 ثم 2007 لم نر صراحة تلك الإضافة النوعية و لو على مستوى تنشيط الجلسات البرلمانية كأضعف للأيمان. فهل حدث و رأيتم 30 برلمانية في يوم من أيام الأربعاء حيث يتم النقل المباشر للبطولة الوطنية لدوري السادة المحترمين و المحترمات؟ علما أن البرلمانيات في الدورة الأخيرة تعدين الثلاثين المفروضة فرضا إجباريا، إضافة إلى برلمانيات حصلن على مقعدهن بطريقة طبيعية، مثل ياسمينة بادو ثم لطيبفة الجبابدي و أظن أن هناك برلمانية ثالثة تمكنت من الوصول إلى البرلمان من دون برنامج دفعة لله يا محسنين. لذا، لم أر في جلسة برلمانية أربعاوية 33 نائبة محترمة و لا حتى عشرين، فإذا ما افترضنا مثلا أن نائبتين برلمانيتين كانتا حاملتين و على وشك الولادة- الله يكمل بخير -و اثنتان مثلا طرقن بيوتهن ضيوف من دون سابق إنذار، و أربعة مثلا منهن كن في سفر برلماني لتمثيل المغرب في إحدى السفريات التمثيلية التي لا عين رأت ولا خطر على قلب مزلوط، و ثلاث منهن أصابهن فيروس الكسل البرلماني و الغياب الطويل الأمد. فيبقى في الأخير 20 و نيف برلمانية محترمة، و هو ما يعني أنه حتى عتبة 20 لم تتحقق و لو في إحدى المباريات الأربعاوية المباشرة؟ علما أننا لا نطالب العشرين- ليس 20 فبراير- الحاضرات أن يطرحن أسئلة و تعقيبات و يحدثن ضجيجا و هجيجا، فقط أن يحضرن لنتملى فيهن و في طلعتهن البهية لا غير، و يشعر الواحد بأن البرلمانيات أكثر مواظبة و حضورا من زملائهن المحترمين. كما في برلمانات العالم، وطبعا لسن و ليسم أي المحترمون و المحترمات مطالبين بأن يقتدوا ببرلمان فرنسا الذي لا يتوقف عن العمل ليل نهار، و يكفي متابعة أشغال القناتين البرلمانيتين الفرنسيتين لنتعرف على أبجديات ما معنى كلمة برلمان و برلمانيين و برلمانيات؟ بل إن من شدة حرصهم على أداء الأمانة و المسؤولية الملقاة على عاتقهم أن حدثت ضجة كبيرة هذا الصيف بالبرلمان الفرنسي على خلفية غياب البرلمانيين في شهر غشت، يعني حتى الكُونْجِي مَا كَاينْش! و الكل يذكر أن الفضل يعود لساركوزي في إيقاظ برلماننا مبكرا يوم 23 أكتوبر 2007 حين زار البرلمان على الساعة الثامنة و النصف صباحا،!لأن عَندهم البرلمان يَحَّلْ بَكْرِي! حيث كانت سابقة فريدة في بلد يغيب فيه البرلماني المحترم و البرلمانية المحترمة عن حضور التصويت على الميزانية العامة نفسها! و لكن شيئا من هذا لم يحدث، فعن أية قيمة مضافة يتحدثون؟ بل هي الخيبة المضافة إلى الخيبة الأصلية المتمثلة في البرلمانيين الذين بعضهم متهمون بتجارة المخدرات و الآخر يدخل القاعة سكران؛ و الأخر يتابع و يطلق سراحه بكفالة مالية؛ كما هو حال برلماني هنا بوجدة ينتمي لحزب القمح بعد أن نزل من التراكتور، و النماذج كثيرة. و الخلاصة، أن المعضلة معضلة إنتاج و ليس مشكلة صنف بعينه، فالهزال السياسي الرهيب و الجائحة السياسية التي اجتاحت البلد منذ عقود من الزمن أتت على الذكور و الإناث على حد سواء،بل لا يجب معالجتها بهذه الوصفات الاستعراضية الفارغة الجاهزة و التي المراد منها تجميل الواجهات لا غير. مرحبا بالشاب حمادة و الأخت سوسو في إحدى الأعراس التي تقام على الأسطح هنا بالجهة، قدمت جوقة راي مغنيا يدعى الشاب حمادة ليشدو الحضور المسطح- نسبة للسطح – من معلقات الشاب خالد و موشحات الشاب مامي و رباعيات الشابة الخنساء الزهوانية، و بينما كان ينتظر بعض المسطحين أن يكون الشاب حمادة ابنا للعشرين ربيعا أو نيف، فإذا بهم يفاجئون بكهل من مواليد 1962 يشارف على الخمسين! طبعا الشاب حمادة يوم دخوله الوسط "الفني" كان فعلا شابا عمره لا يتجاوز16 سنة. و هكذا بقي الشاب حمادة كذلك حتى لو بلغ 80 خريفا يصعد إلى المنصة بعكاز على شاكلة الشاب خالد حاج إبراهيم، الذي جدير به أن يحمل لقب الشيخ الشاب خالد! و بيت القصيد أن كثيرا من شبابنا هم شيوخ من الداخل، شيخوخة أنتجها مجتمع المخزن و الأعيان، و المشكل الحقيقي أن المروجين لانتخابات "دابا خيبة 2011" يحصرون التشبيب في المسألة العمرية فقط! علما بأن التشبيب الحقيقي هو تشبيب النخبة السياسية و الثقافية و الفكرية. عمرا، و لكن أيضا فكرا و ثقافة و إنتاجا بعد أن يولدوا ولادة رحمية طبيعية سواء من رحم الحزب أو رحم الساحة الفكرية و الثقافية! الشيء الذي لم يحصل في المغرب منذ تقريبا 20 سنة. حيث توقف قطار التشبيب على مستوى النخبة بشكل جلي مع بداية التسعينات تقريبا سيما على مستوى النخبة السياسية، منذ بدء الحديث عن التوافق في 1992 و تكريسه في انتخابات 1997، ثم زيد منه في 1999 على أساس التشبيب للنخبة، وصولا إلى وفاته في 2002 مع الردة السياسية بالعودة إلى القوية للتكنوقراط. هنا، فوت العهد الجديد فرصة إنشاء نخبة سياسية جديدة أو على الأقل توفير المناخ العام لنشأتها، و النتيجة كانت إنذار 2002 ثم خيبة دابا 2007، ثم تولي حكومة العائلة الفاسية الوزارة الأولى و توالي النكسات و عودة حزب الدولة و كل المهازل التي أدت إلى انتفاضة 20 فبراير 2011 المجيدة. إن المشكل الحقيقي يتجسد في توقف آلة إنتاج النخب منذ العقدين الفارطين، و إذا حدث ووجد منتوج جديد فالفضل يعود لله تعالى، حيث عموما يمكن اعتباره مجرد فلتة و استثناء لا غير!و إلا فأنى لهذه النخب أن تنشأ في بيئة حزبية عائلية تتضافر فيها خيوط العائلة مع السياسة و المال و الصهر و الاسم و النسب؟ معادلة من الصعب فك الاشتباك فيها!فمن الطبيعي أن تموت الكفاءات و يسود جو من العقم العام الذي لا يساعد على إنتاج الخلف الحقيقي المولود ولادة طبيعة. ثم إن الآلية الترقيعية الحالية هي ضد مجرى التاريخ، لأن البرلمان ليس ساحة للتكوين و التدريب، بل للعطاء البرلماني و البرلمانية الممثلين لساكنة تعد بعشرات الآلاف،بل إن بعضها و نتيجة التقطيع الانتخابي الحالي تشارف 200 ألف مواطن! و لا أظن أحدهم يمكنه أن يصرح للساكنة العازفة عن الانتخاب أصلا :" الله يرحم الوالدين انتخبوني بَاشْ ندخل للبرلمان نتعلم شِْوية و نكون رَاسِي"! و هو ما يجعل البرلمان يتحول من برلمان المفروض فيه متابعة كل كبيرة و صغيرة سياسية في البلاد إلى مكتب التكوين السياسي و إنعاش الكفاءات!و من الغريب أن عدد الكوتة "كُوشِيتْ" هو 90،و لهذا الرقم دلالة و رمزية، حيث يفرض على الحاصلين على رخصة السياقة الجدد تعليق رقم 90 في مؤخرة السيارة حتى يعاملوا معاملة تفضيلية، فهل سيطبق المبدأ نفسه داخل أروقة البرلمان؟ لا يصلح العطار ما أفسد الدهر إن البرلمان ليس ساحة للتدريب السياسي و لا لمحاباة الشعب الرافض لكل أنواع الترقيع السطحي الذي لا يسمن و لا يغني من جوع البؤس السياسي الحاصل! و جميع النماذج الناجحة بدأت شبابها بالمجالس الجماعية أولا، ثم تدرجت في التطور السياسي إلى أن وصلت البرلمان و الوزارة و الرئاسة، فمثلا معظم من كانوا وراء التطور السياسي لبلدانهم أو كانت لهم مسيرة سياسية موفقة، بدأوا من باب دارهم أي الجماعات المحلية و المجالس البلدية أولا، مثل طيب أردوغان عمدة اسطنبول؛ و الرئيس البرازيلي السابق الشيخ لولا داسيلفا الذي ساهم في جعل البرازيل دولة ديمقراطية و قوة اقتصادية متقدمة؛ قبل أن تخلفه تلميذته المناضلة ديلما روسيف؛ و غير بعيد منا يوجد نموذج الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ضيف المغرب الكبير، الذي يعد نموذجا للولادة الطبيعية للنخب الشابة، بل و لا نبالغ إذا قلنا أنه يعيش قمة شبابه الآن، حيث له حصة يومية صباحية ما بين 6 و 7 صباحا للجري و عادة ما يكون معه الوزير الأول فرانسوا فيون للتداول في برنامج الاجتماع الوزاري و هم بلباس رياضي، و العرق يتسلل منهما، يا سلام على الشبابية "ديال المعقول"! قبل أن يبدأ اجتماع الحكومة مع الثامنة و النصف صباحا، ماشي حتى 11!و طبعا تزيد من قيمة ساركوزي الشبابية أن له زوجة من حجم الفاتنة كارلا بروني !ما يعني حجم المجهود و المسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتق ضيف المغرب الكبير الذي و مع ذلك لا يفوت حصص الركد المبكر! إن تشبيب المنظومة السياسية يبدأ بتوفير المناخ السياسي الطبيعي لنشأة الخلف، سواء كان ذكوري أو نسوي. و حتى لو افترضنا أن الأمر يحتاج إلى بعض الإجراءات و المساعدات، فالكوتة ليست الطريق الأمثل لأنها مجرد رشوة مقنعة و مسكن لا غير! سيما في هذا الأثناء حيث تشتد نبرة الشارع الغاضب الهادر، بل كان الأجدى أن يفرض على الأحزاب وضع على رأس القائمة مثلا 20% من الشباب و 20 % نساء و يترك للجميع حرية المنافسة الانتخابية و النزول إلى الميدان. لا أن يفرض على الشعب 90 مقعد برلماني" ُكوشِيتْ" فرضا، ما سيكلف الخزينة و جيوب المواطنين مصاريف إضافية على والو! في زمن يتم الحديث عن الجهوية المتقدمة فعن أية جهوية متقدمة و ربع البرلمان لا علاقة له بالجهة لا من قريب و لا من بعيد ؟ هذا ناهيك عن الأعيان البرلمانيين الذين سيطلون عن قريب على الساكنة كل خمس سنوات من أجل قضاء شهر من الضيافة الانتخابية و البقية تعرفونها! و أكيد أن إشراف وزراة الداخلية بشيوخها و قوادها و مقدميها على العملية الانتخابية، مع هيمنة الأعيان على الساحة الانتخابية سيما في العالم القروي الذي يعد شريان حياة الأعيان ناهيك عن حالة العزوف الرهيبة التي ضربت المغاربة بدءا من 2002 و وصولا إلى 2007 ما يعني أن قطار 90 ابْلاصة ُكوشِيتْ لا أظنه سيصل إلى بر الأمان أو يكون الحل الأمثل للمعضلة الكبرى التي تجتاح المغرب و المغاربة.و التي هي مشكلة هيمنة المخزن على كل شيء و أي شيء. وفي الأخير، و حتى لا نتهم بالعدمية السياسية و نشر ثقافة الإحباط و التيئيس في وسط الشعب المغربي الذي كله فرحة و سرور و بهجة و حبور بقدوم الانتخابات السعيدة و عودة بعثة أهل القبور، فإنني أقول للشاب حمادة و الأخت الفاضلة سوسو المحترمين و التي لا أعرف هل ستدخل الترشيح باسم 60 مقعد ُكوشِيتْ نسائي أم أن المرأة ستحارب المرأة و غادي يْلُوحُوهَا و يحسبوها على 30 ابلاصة ُكوشِيتْ شباب، أقول لهم و لهن حظ سعيد و الله يوصلكم بخير و على خير على متن قطار90 ابْلاصة ُكوشِيتْ!و سأكون سعيدا لو كان دخولكم إلى البرلمان قيمة مضافة، و تقوموا مثلا بما لم يقم به من سبقكم بغير إتقان، مثل عرض ميزانية البلاط و الدفاع للمناقشة، و المناقشة المستفيضة، بل و يطالب بعضكم مشكورا بتخفيضها رفقا بالعباد سيما و أن الأزمة ضربت الجميع، فعلى الأقل يتقاسموا معنا رياح الأزمة الاقتصادية و غول ارتفاع الأسعار! [email protected]