اهتمت الصحف المغاربية الصادرة اليوم الجمعة، على الخصوص، بإسدال الستار عن حملة الانتخابات البلدية في تونس، والاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة في كل من الجزائروموريتانيا. ففي تونس كتبت صحيفة "المغرب" أن وتيرة الحملات الانتخابية لمختلف القوائم المترشحة ارتفعت مع اقتراب يوم الصمت الانتخابي ونزول قادة الأحزاب السياسية بثقلهم لدعم المرشحين، مشيرة إلى أن عدد الأنشطة الانتخابية بلغ قرابة 20 ألف نشاط. وأضافت الصحيفة أن قرابة 11 ألف مكتب اقتراع ستكون مفتوحة أمام حوالي خمسة ملايين ناخب للإدلاء بأصواتهم واختيار من يمثلهم في المجالس البلدية، مسجلة أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أكدت جاهزيتها الكاملة. وبخصوص الجانب الأمني نقلت الصحيفة عن المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية بالحسن الوسلاتي تأكيده أن الوحدات العسكرية تؤمن مختلف مراكز الاقتراع وكذا نقل المواد الانتخابية وتأمين نقل صناديق الاقتراع إثر انتهاء التصويت. وفي ذات السياق تناولت الصحيفة في افتتاحيتها، موضوع نظرة وسائل الإعلام للنساء خلال حملة الانتخابات البلدية، حيث كتبت أن "الإعلام يساهم في رسم صورة المترشحات وفي تحديد مواقعهن من خلال الانتقاء والتركيز على بعض الزوايا... وهو بذلك يبني الإطار الذي من خلاله يتم تقييم خطابات المترشحات وأفعالهن لا باعتبارهن فاعلات في بناء المسار الديمقراطي بل باعتبارهن عناصر مشوشة خالقة للإثارة. " ونقلت صحيفة "الصحافة اليوم" عن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التيليلي المنصري تأكيده أن الهيئة على أتم الاستعداد لهذه الاستحقاقات الانتخابية، مشيرة إلى أن وزير الداخلية التونسي أعلن من جهته، أن الوزارة جاهزة لضمان سير الانتخابات البلدية في ظروف أمنية عادية وفي كنف الالتزام بالحياد التام. وتناولت الصحيفة من جانب آخر برامج القوائم الانتخابية حيث سجلت أن القوائم على اختلافها حزبية كانت أو مستقلة أو ائتلافية، تمحورت حول وعود انتخابية ترتكز على تحسين الوضع البيئي بالبلديات وتحسين البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطن. ولاحظت الصحيفة من جهة أخرى وجود تراجع في منسوب الثقة في البرامج والوعود الانتخابية نظرا "للخيبة التي مني بها الناخبون خلال الانتخابات التشريعية لعام 2014، وتردي العديد من المؤشرات، الذي تسبب في أزمة اقتصادية واجتماعية" على حد قول الصحيفة. وتساءلت الصحيفة في ذات السياق عما إذا كان المرشحون للانتخابات البلدية لعام 2018 سينجحون في اقناع الناخبين بأن الانتخابات البلدية تختلف في خصائصها عن بقية الاستحقاقات الانتخابية الأخرى. كما تساءلت عما إذا كانت برامج القوائم الانتخابية قد رسمت انطلاقا من المتطلبات المحلية أو انطلاقا من التوجهات السياسية للمرشحين". ولاحظت صحيفة "الصباح" من جهتها، أنه على أهمية الحدث السياسي الذي ستعيشه البلاد بعد نحو 48 ساعة، فإن الحملة الانتخابية "تميزت في معظمها بالفتور". وأضافت الصحيفة أن جل الأحزاب اتفقت على أن "القرارات المتسببة في عزوف المؤسسات الإعلامية عن مواكبة الحملات الانتخابية لا تعطي للمحطة التاريخية الهامة التي تعيشها تونس حاليا، أبعادها الحقيقية". وسجلت أن مراقبين ومختصين يشيرون في قراءة لمضمون الخطاب والدعاية الحزبية إلى أن أحزابا لم تستوعب بعد تحولات المشهد من إغراء للناخبين، من خلال اعتماد نفس الاساليب القديمة وآلياتها في التواصل مع الناخب". واعتبرت أن أساليب الاستقطاب "تأكيد واضح على غياب الإبداع الاتصالي واعتماد أساليب تجاوزها الزمن، وتأكيد أيضا، على أن المواطن مازال مجرد صوت أو هو سلعة لها من الصلاحية الزمنية القليل". وتطرقت صحيفة "لابريس دو تونيزي" من جانبها، إلى هاجس العزوف عن التصويت حيث سجلت أن المراقبين يخشون من حدوث موجة امتناع عن التصويت لا مثيل لها في الانتخابات البلدية التي ستجرى في 6 ماي، مشيرة إلى استنتاج ذلك من خلال نسبة مشاركة الأمنيين والعسكريين يوم الأحد الماضي، حيث بلغت نسبة امتناعهم عن التصويت 88 في المائة. كما أشارت إلى "وجود خيبة أمل لدى عدد من التونسيين بسبب غياب الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تظل معلقة أو مؤجلة، فضلا عن الاستياء من الطبقة السياسية بمختلف تياراتها نظرا لعدم كفاءتها وعدم تناسقها". وأضافت أن الطبقة السياسية تنشغل أكثر بالمشاحنات والصراعات العقيمة التي تختلف تماما عن انشغالات المواطن العادي، بسبب الإغراق في السياسة السياسوية والصراعات المعقدة. وفي الجزائر، تطرقت الصحف إلى الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، معتبرة أن الثالث من ماي ينبغي أن يكون لحظة للتأمل، ولكن أيضا للتوقف قصد التفكير في وسائل تجاوز الصعوبات اليومية من خلال الحوار والتشاور ضمن الإطار الذي تحدده الصحافة لنفسها بعيدا عن إملاءات الماسكين بزمام السلطة. وهكذا كتبت صحيفة (ليبيرتي) أن الصحافة الجزائرية خلدت اليوم العالمي لحرية الصحافة في سياق اجتمعت فيه الصعوبات الاقتصادية والضغوطات السياسية، معتبرة أن هذه الحرية، التي انتزعت بالنضال بفضل تضحيات نساء ورجال المهنة، مهددة اليوم بشكل جدي بميول من يوجدون في السلطة للتخلص من كافة الأصوات المعارضة أو التي تنتقد سياساتهم العرجاء. وفي افتتاحيتها بعنوان "الموت البطيء"، كشفت الصحيفة أن الخطابات المهادنة التي يتم إلقاؤها بمناسبة الاحتفالات، على غرار الاحتفال بالثالث من ماي، المليئة بالثناء والتكريمات، تخفي بشكل سيء، في جميع الحالات، حقائق مرة لمهنة تصطدم بشكوك حول كينونتها. وأضافت بنبرة ساخرة أن مما يثير الضحك، هو أن العدد الكبير من الصحف والقنوات التلفزية يتم تقديمه على أنه دليل على حيوية الديمقراطية الجزائرية، مسجلة أن أغلب الهيئات الصحفية ليست لها اليوم خيارات كبيرة إذا أرادت أن تصمد أمام سياسة الخنق السياسي والاقتصادي التي بدأت آثارها تلوح في الأفق. وكتب صاحب الافتتاحية أن الحكومات، ومن خلال صحوة ضمير مفاجئة، أدركت أن هناك جدوى اجتماعية للصحافة، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية، الذي دعا في رسالته الصحفيين إلى المساهمة في الدفاع عن صورة البلد في مواجهة حملات التشهير والمزعزعة للاستقرار القادمة من الخارج، تجنب تماما الحديث عن الحالة التي يتخبط فيها جزء كبير من الصحافة الجزائرية. من جهتها، لاحظت صحيفة (الفجر) أن الصحافة دخلت في منحدر باتجاه الجحيم منذ بضع سنوات، وذلك على الأقل لسببيين يتمثلان في اختناقها المالي من خلال التدبير السياسي للإشهار من قبل السلطات العمومية وبروز الصحافة الالكترونية التي استقطبت العديد من صحفيي الصحافة المكتوبة بسبب غياب التكوين أو ضعف تكوين الخلف. وأوضحت الصحيفة أن هذا العائق سيتفاقم ويؤثر على جودة مضامين مختلف الصحف التي تتراجع أعدادها بفعل تقلص الإعلانات والتدبير السياسي للإشهار العمومي عن طريق الوكالة الوطنية للاتصال و النشر و الإشهار، معتبرة أنه سيكون من المزعج القيام بجرد للتجربة الصغيرة للصحافة التعددية بالجزائر. وأضافت الصحيفة أنه بالموازاة مع خنقها ماليا، تم خلق صحف يغديها إشهار الدولة بهدف تلويث المشهد الإعلامي، مبرزة أن هذه الصحف تستخدم مرتزقة لنشر الدعاية الرسمية والقيام بدور مضاد للصحف "المستقلة". من جانبها، اعتبرت صحيفة (الحياة) أن الجسم الصحفي يتحمل أيضا جزءا من المسؤولية عن هذا الوضع ما دام مشتتا إلى الحد الذي أضحى معه عاجزا حتى عن الدفاع على مصالحه، مسجلة أنه يشهد انشقاقات مصطنعة جعلته غير قادر على الاتحاد، وخلق، بذلك، ظروف تدميره الذاتي، تظهر إرهاصاته في مضامين بعض الصحف. أما صحيفة (الوطن)، فكتبت أنه إذا ما انقرضت الصحافة الورقية، فإن الصحافة الالكترونية لا تتحمل المسؤولية عن ذلك، ولكن يتحملها الماسكون بزمام الحكم، الذين لطالما استغلوا حرية الصحافة لتلميع وجه الحكم القبيح والاستبدادي. وأشارت إلى أن وسائل خنق الصحافة الحرة تطورت منذ سنوات قليلة، بل وتغيرت بشكل جذري، حيث سيتم استهداف الموارد المالية لبعض الصحف، مسجلة أنه إذا كانت الصحافة الحرة قد عاشت بعض الفترات من المجد، والحرية التي دفع نساء ورجال المهنة حياتهم ثمنا لها، حيث تم اغتيال 100 منهم على يد إرهابيين، فإنها تعيش فترات من القمع الوحشي وسجن الصحفيين وتعليق صدور وإغلاق بعض الصحف، إن لم تكن تواجه صعوبات كبيرة مثل التي تمر بها اليوم. وفي موريتانيا، خصصت الصحف حيزا كبيرا من اهتماماتها لواقع حرية الصحافة بالبلاد، من خلال تشخيص مختلف التنظيمات النقابية والمهنية لهذا الواقع. وكتبت، في هذا الصدد، أن نقابة الصحفيين الموريتانيين دعت في تقرير لها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 ماي من كل عام) إلى تدارك "ما تبقى من مؤسسات صحفية قبل انهيار الحقل، نتيجة سياسة التجفيف القاتل التي يعاني منها جميع منتسبو الحقل، والتي لا تخدم الإعلام الوطني الجاد". ونقلت عن النقابة قولها إن العام 2017 "شهد العديد من الأحداث والاعتداءات في حق الصحفيين الموريتانيين، شملت الاعتقال والضرب ومصادرة المعدات الصحفية واستخدام الغاز المسيل للدموع، وذلك رغم خلو السجون من أي صحفي، ومحافظة بلادنا على تصنيف جيد على مؤشر الحريات الصحفية في العالم". وأضافت أن النقابة سجلت المكانة المرموقة التي وصلت إليها الحريات الصحفية في البلاد نتيجة عقود من النضال الصحفي، مؤكدة "وجود أزمات بنيوية ما زال يعاني منها الإعلام الموريتاني، إذ لم توقع مؤسسات الإعلام الرسمية على دفتر الالتزامات، وبقيت مؤسسات الإعلام الخاص ضعيفة وتفتقر لأبسط الوسائل والمقومات وهو ما يدفع ثمنه الصحفيون"، موضحة أن الفترة الماضية شهدت "تجفيفا لمنابع التمويل الصحفي ولم تنفذ أيا من التوصيات الواردة في نتائج المنتديات العامة لإصلاح الصحافة التي تم تنظيمها في العام 2016". وعلى صعيد متصل، نقلت الصحف عن اتحاد المواقع الالكترونية قوله، في استعراضه لواقع الصحافة بموريتانيا، إن العام الماضي "اتسم بتراجع موريتانيا في المحافظة على ترتيبها في مؤشر حرية الصحافة، حسب تقرير مراسلون بلا حدود لسنة 2017، وبغض النظر عن مبررات ذلك، إلا أنه يعتبر إنذارا واضحا على وجود اختلالات قد تؤدى إلى تدمير المكتسبات التي حققتها بلادنا في السنوات الماضية". وأضاف الاتحاد أنه رغم الدور البارز الذي تلعبه الصحافة الالكترونية في توجيه الرأي العام، من خلال السرعة في إيصال المعلومة والتفاعل معها، "غير أن معول الهدم لعب دوره في القضاء على تلك المكتسبات، من خلال التناسل المتسارع للمواقع ودون قيود تذكر". وأشارت الصحف إلى أن الاتحاد اعتبر أن "الوضع تفاقم أكثر عندما تلاشى الدعم وحرمت الصحافة من الإعلانات، ولم يبق أمامها من فرص للتمويل إلا الاسترزاق، حيث اختفت المادة الصحفية الرزينة في أغلب الأحيان، وانتشرت الكتابة تحت الطلب من خلال التلميع والقدح، حسب درجة العطاء والمنع"، داعيا السلطات العمومية إلى التعامل بجدية مع معاناة هذا القطاع. وتابعت أن الاتحاد المهني للصحف المستقلة، رأى، من جهته، أن موريتانيا "تحظى بنصيب وافر من حرية التعبير قد يفوق ما تحظى به دول ذات تقاليد عريقة في الديمقراطية التعددية، غير أن حرية الصحافة واستقلاليتها هي أمر آخر يرتبط بمدى قدرة الصحفي على الانتاج وتقديم مادته الإعلامية بكل حرية بعيدا عن مختلف أشكال الضغوط المادية والمعنوية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها، والارتهان للحاجة، وهو ما يستدعي توفير ظروف خاصة تضمن الاستقلالية وتصونها". ونقلت عن الاتحاد قوله إن "واقع صحافتنا الخاصة اليوم لا ينبئ بالحرية ولا بالاستقلالية على النحو الذي نتطلع إليه في دولة القانون والمؤسسات، فجميع مصادر التمويل معطلة باستثناء ما يرشح بين الفينة والأخرى من بعض مؤسسات وشركات القطاع الخاص مع ما يميزه من شح واشتراطات مهينة غالبا وغياب للشفافية والمعيارية في معظم الحالات". وأشارت إلى أن الاتحاد "حمل الحكومة المسؤولية عن الأوضاع المادية والمهنية المتردية للسلطة الرابعة وتراجع أدائها بفعل غياب التعاطي الايجابي معها وتجفيف مصادر الدعم التقليدية لها وغياب أي دعم بديل يضمن الاستقلالية ويكرس المهنية ويصون أخلاقيات العمل الصحفي".