كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، عبر مراسلات مسربة سجلتها حكومة أجنبية على شكل محادثات بالجوال، ورسائل صوتية باللغة العربية، أن قطر دفعت فدية تبلغ قيمتها ملايين الدولارات لأطراف مصنفة إرهابية، والدخول في مفاوضات سرية قصد الإفراج عن 26 قطريا اختطفوا في العراق سنة 2015، 9 منهم من أفراد عائلة آل ثاني، فيما تحولت المساومة إلى نوع من الابتزاز الجماعي الذي تتصارعت فيه ستة ميليشيات وحكومات أجنبية من أجل اعتصار المال من الدوحة. وجاء في تقرير نشرته الصحيفة ذاتها أن مراسلات سرية مسربة بين المسؤولين القطريين توثق أن أطرافا تدرجها الولاياتالمتحدة ضمن قوائم الإرهاب، ومن بينها الحرس الثوري الإيراني، و"كتائب حزب الله" العراقية، و"حزب الله" اللبناني، وفصائل من المعارضة السورية المسلحة، وتنظيم "جبهة النصرة" المرتبطة ب"القاعدة"، لعبت دور الوساطة في صفقة الإفراج عن المختطفين. وورد في التقرير أن الفدية في بداية المفاوضات السرية، من أجل تحرير الرهائن، شملت تخصيص 150 مليون دولار إضافية لتلك الأطراف، وكانت تلك المدفوعات جزءا من صفقة أكبر شاركت فيها كذلك حكومات إيران وتركيا والعراق، وجراء دخول أطراف عدة على الخط، ارتفع المبلغ المطلوب للإفراج عن الرهائن إلى مليار دولار في بعض الأحيان، فيما أشارت "واشنطن بوست" إلى أن الوثائق لا تكشف التكلفة النهائية لإتمام العملية. وأظهرت الرسائل، بحسب ما جاء في التقرير، تذمر السفير القطري في العراق، زايد بن سعيد الخيارين، الذي أشرف على المفاوضات السرية من أجل تحرير المخطوفين، من سعي الميليشيات إلى سلب أموال قطر، حيث كتب السفير "كلهم لصوص، السوريون وحزب الله اللبناني وكتائب حزب الله العراقي، كلهم يريدون المال وهذه فرصتهم"، في وقت أقرت قطر بأن عدة دول ساعدتها على تحرير الرهائن، لكنها نفت أن تكون قد دفعت أموالا لجماعات إرهابية من أجل إنهاء تلك الأزمة، حيث شدّد حينها مشعل بن حمد آل ثاني، مندوب قطر لدى واشنطن، في رسالة مبعوثة إلى صحيفة "نيويورك تايمز" على أن الدوحة لم تدفع أي فدية في إطار الصفقة. وأشارت واشنطن بوست إلى أن الوثائق التي حصلت عليها تظهر أن مسؤولين قطريين وقعوا على دفع مبالغ تتراوح بين 5 و50 مليون دولار لمسؤولين عراقيين وإيرانيين وميليشيات، فضلا عن 50 مليون دولار لشخص أشير إليه بقاسم، أي قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، وهو أحد أبرز اللاعبين في صفقة الإفراج عن الرهائن، فيما أشار التقرير إلى أن السفير القطري لدى العراق، زايد بن سعيد الخيارين، كتب في رسالة موجهة إلى كتائب حزب الله العراقية "ستصلكم أموالنا حين نستلم أهلنا"، في إشارة إلى المختطفين. وتقول الصحيفة الأمريكية ذاتها إن دفع قطر الأموال للميليشيات المتطرفة سيكون بمثابة علامة فارقة في خلاف الدوحة مع جيرانها، بسبب علاقتها مع إيران ودعمها للإخوان المسلمين وباقي جماعات الإسلام السياسي، ولفتت إلى أن قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر للعلاقات مع قطر جاء بعد أسابيع من إطلاق سراح الرهائن.